Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 45-54)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واذْكُرْ عِبادَنا } وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وحميد ، وابن محيصن ، وابن كثير : { عبدَنا } ، إِشارة إِلى إِبراهيم ، وجعلوا إِسحاق ويعقوب عطفاً عليه ، لأنه الأصل وهما ولداه ، والمعنى : اذْكُر صبرهم ، فإبراهيم أُلقي في النار ، وإِسحاق أُضجع للذبح ، ويعقوب صبر على ذهاب بصره وابتُلي بفقد ولده ؛ ولم يُذْكَر إِسماعيل معهم ، لأنه لم يُبْتَلَ كما ابتُلوا . { أُولي الأيدي } يعني القوة في الطاعة { والأبصارِ } البصائر في الدِّين والعِلْم . قال ابن جرير : وذِكْر الأيدي مَثَلٌ ، وذلك لأن باليد البطش ، وبالبطش تُعرف قُوَّة القويِّ ، فلذلك قيل للقويِّ : ذو يدٍ ، وعنى بالبصر : بصر القلب ، وبه تُنال معرفة الأشياء ، وقرأ ابن مسعود ، والأعمش ، وابن أبي عبلة : { أُولي الأيدِ } بغير ياءٍ في الحالين . قال الفراء : ولها وجهان : أحدهما : أن يكون القارئ لهذا أراد الأيدي ، فحذف الياء ، وهو صواب ، مثل الجَوارِ والمناد . والثاني : أن يكون من القُوَّة والتأييد ، من قوله { وَأَيَّدْنَاه بِرُوحِ القُدُسِ } [ البقرة : 87 ] . قوله تعالى : { إِنَّا أَخْلَصْناهم } أي : اصطفيناهم وجعلناهم لنا خالصين ، فأفردناهم بمُفْرَدة من خصال الخير ؛ ثم أبان عنها بقوله : { ذكرى الدار } . وفي المراد بالدار هاهنا قولان : أحدهما : الآخرة . والثاني : الجنة . وفي الذكرى قولان : أحدهما : أنها من الذِّكْر ، فعلى هذا يكون المعنى : أَخْلَصْناهم بذِكْر الآخرة ، فليس لهم ذِكْر غيرها ، قاله مجاهد ، وعطاء ، والسدي . وكان الفُضَيل ابن عِياض رحمة الله عليه يقول : هو الخوف الدائم في القلب . والثاني : أنها التذكير ، فالمعنى : أنهم يَدْعُون الناس إِلى الآخرة وإِلى عبادة الله تعالى . قاله قتادة . وقرأ نافع { بخالصةِ ذِكْرَى الدَّارِ } فأضاف " خالصة " إِلى " ذِكْرَى الدار " . قال أبو علي : تحتمل قراءة من نوَّن وجهين : أحدهما : أن تكون " ذكرى " بدلاً من " خالصة " ، والتقدير : أخلصناهم بذكر الدار . والثاني : أن يكون المعنى : أخلصناهم بأن يذكُروا الدَّار بالتأهُّب للآخرة ، والزُّهد في الدنيا . ومن أضاف فالمعنى : أخْلَصْناهم بإخلاصهم ذِكْرى الدَّار بالخوف منها . وقال ابن زيد : أخلصناهم بأفضل ما في الجنة . قوله تعالى : { وإِنهم عندنا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ } أي : من الذين اتخذهم اللهُ صَفْوَةً فصفَّاهم من الأدناس { الأخيارِ } الذين اختارهم . { واذْكُر إِسماعيلَ والْيَسَعَ وذا الكفل } أي : اذْكُرْهم بفضلهم وصبرهم لِتَسْلُكَ طريقَهم ، والْيَسَعُ نبيُّ ، واسمه أعجميّ معرَّب ، وقد ذكرناه في [ الأنعام : 85 ] وشرحنا في سورة [ الأنبياء : 85 ] قصة ذي الكفل ، وتكلمنا في [ البقرة : 125 ] في اسم إِسماعيل ، وزعم مقاتل أن إِسماعيل هذا ليس بابن إبراهيم . قوله تعالى : { هذا ذِكْرٌ } أي : شرف وثناءٌ جميل يُذْكَرون به أبداً { وإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مآبٍ } أي : حُسْنَ مَرْجِعٍ يرجعون إِليه في الآخرة . ثم بيَّن ذلك المَرْجِع ، فقال : { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأبوابُ } قال الفراء : إنما رُفعت " الأبوابُ " لأن المعنى : مفتحةً لهم أبوابُها ، والعرب تجعل الألف واللام خَلَفاً من الإِضافة ، فيقولون : مررت على رَجُلٍ حَسَنِ العَيْنِ ، وقبيح الأنف ، والمعنى : حسنةٌ عينُه قبيحٌ أنفُه ، ومنه قوله تعالى : { فإنَّ الجحيمَ هي المأوى } [ النازعات : 39 ] والمعنى : مأواه . وقال الزجاج : المعنى مُفتَّحة لهم الأبواب منها ، فالألف واللام للتعريف ، لا للبدل . قال ابن جرير : والفائدة في ذِكْر تفتيح الأبواب ، أن الله عز وجل أخبر عنها أن أبوابها تُفتَح لهم بغير فتح سُكَّانها لها بيد ، ولكن بالأمر ، قال الحسن : هي أبواب تَكلّم فتُكلّم : انفتحي انغلقي . قوله تعالى : { وعِنْدَهم قاصراتُ الطَّرْفِ } قد مضى بيانه في [ الصافات : 48 ] . قال الزجاج : والأتراب : اللواتي أسنانُهُنَّ واحدةٌ وهُنَّ في غاية الشباب والحُسْن . قوله تعالى : { هذا ما تُوعَدُونَ } قرأ أبو عمرو ، وابن كثير بالياء . والباقون بالتاء . قوله تعالى : { ليَوْمِ الحسابِ } اللام بمعنى " في " والنَّفاد : الانقطاع . قال السدي : كلَّما أُخِذ من رزق الجنة شيءٌ ، عاد مِثْلُه .