Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 24-24)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { والمحصنات من النساء } أما سبب نزولها ، فروى أبو سعيد الخدري قال : أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فاستحللناهن . وأما خلاف القُرّاء ، فقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة بفتح الصاد في كل القرآن ، وفتح الكسائي الصاد في هذه وحدها ، وقرأ سائر القرآن بالكسر ، والمحصِنات » و « محصِنات » . قال ابن قتيبة : والإِحصان : أن يحمي الشيء ، ويمنع منه ، فالمحصنات [ من النساء ] : ذوات الأزواج ، لأن الأزواج أحصنوهن ، ومنعوا منهن : [ قال الله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } ] والمحصنات : الحرائر وإن لم يكنَّ متزوجات ، لأن الحرّة تُحصَن وتَحصِن ، وليست كالأمة ، قال الله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات } [ النساء : 25 ] وقال : { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } [ النساء : 25 ] يعني : الحرائر ] والمحصنات : العفائف قال الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات } [ النور : 4 ] يعني العفائف . وقال الله تعالى : { ومريمَ ابنةَ عمران التي أحصنت فرجها } [ لتحريم : 12 ] أي : عفت . وفي المراد بالمحصنات هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها : ذوات الأزواج ، وهذا قول ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وابن جبير ، والنخعي ، وابن زيد ، والفراء ، وابن قتيبة ، والزجاج . والثاني : العفائف : فإنهن حرام على الرجال إلا بعقد نكاح ، أو ملك يمين . وهذا قول عمر بن الخطاب ، وأبي العالية ، وعطاء ، وعبيدة ، والسدي . والثالث : الحرائر ، فالمعنى : أنهن حرام بعد الأربع اللواتي ذُكِرْنَ في أول السورة ، روي عن ابن عباس ، وعبيدة . فعلى القول الأول في معنى قوله { إلا ما ملكت أيمانكم } قولان . أحدهما : أن معناه : إِلاَّ ما ملكت أيمانكم من السبايا في الحروب ، وعلى هذا تأوَّلَ الآية عليٌ ، وعبد الرحمن بن عوف ، وابن عمر ، وابن عباس ، و كان هؤلاء لا يرون بيع الأمة طلاقاً . والثاني : إِلا ما ملكت أيمانكم من الإِماء ذوات الأزواج ، بسبي أو غير سبي ، وعلى هذا تأوَّلَ الآية ابنُ مسعود ، وأُبيُّ بن كعب ، وجابر ، وأنس ، وكان هؤلاء يرون بيع الأمة طلاقاً . وقد ذكر ابن جرير ، عن ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، والحسن : أنهم قالوا بيع الأمة طلاقها ، والأول أصح . لأن النبي صلى الله عليه وسلم خيّر بريرة إِذ أعتقتها عائشة ، بين المقام مع زوجها الذي زوَّجها منه سادتُها في حال رقّها ، وبين فراقه ، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم عتق عائشة إِيّاها طلاقاً ، ولو كان طلاقاً لم يكن لتخييره إِياها معنى . ويدل على صحة القول الأول ما ذكرناه من سبب نزول الآية . وعلى القول الثاني : العفائف حرام إِلا بملك ، والملك يكون عقداً ، ويكون ملك يمين . وعلى القول الثالث : الحرائِر حرام بعد الأربع إِلا ما ملكت أيمانكم من الإِماء ، فانهن لم يُحصَرن بعدد . قوله تعالى : { كتابَ الله عليكم } قال الزجاج : هو منصوب على التوكيد ، محمول على المعنى ، لأن معنى « حرمت عليكم أمهاتكم » : كتب الله عليكم هذا كتاباً ، قال : ويجوز أن ينتصبَ على جهة الأمر ، ويكون « عليكم » مفسراً له ، فيكون المعنى : إلزموا كتاب الله . قال : { وأُحِل لكم ما وراء ذلكم } أي : ما بعد هذه الأشياء ، إِلا أن السُّنة ، قد حرَّمت تزويج المرأة على عمتها ، وتزويجها على خالتها وقرأ ابن السميفع ، وأبو عمران : « كتب الله عليكم » بفتح الكاف ، والتاء ، والباء ، من غير ألف ، ورفع الهاء ، وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : وأحَلَّ بفتح الحاء ، وقرأ حمزة ، والكسائي : بضم الألف . فصل قال شيخنا علي بن عبيد الله : وعامة العلماء ذهبوا إِلى أن قوله : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } تحليل ورد بلفظ العموم ، وأنه عموم دخله التخصيص ، والمخصص له نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها ، أو على خالتها . وليس هذا على سبيل النسخ . وذهب طائفة إلى أن التحليل المذكور في الآية منسوخ بهذا الحديث . قوله تعالى : { أن تبتغوا بأموالكم } أي : تطلبوا إِمَّا بصداق في نكاح ، أو ثمن في ملك { محصِنين } قال ابن قتيبة : متزوّجين ، وقال الزجاج : عاقدين التزويج ، وقال غيرهما : متعفّفين غير زانين . والسفاح : الزنى ، قال ابن قتيبة : أصله من سفحت القربة : إِذا صببتها ، فسُمّي الزنى سفاحاً ، لأن [ يسافح ] يصب النطفة ، وتصب المرأة النطفة . وقال ابن فارس : السفاح : صب الماء بلا عقد ، ولا نكاح ، فهو كالشيء يسفح ضياعاً . قوله تعالى : { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } فيه قولان . أحدهما : أنه الاستمتاع في النكاح بالمهور ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، والجمهور . والثاني : أنه الاستمتاع إلى أجل مُسمىً من غير عقد نكاح . وقد روي عن ابن عباس : أنه كان يفتي بجواز المتعة ، ثم رجع عن ذلك وقد تكلف قوم من مفسّري القُرّاء ، فقالوا : المراد بهذه الآية نكاح المتعة ، ثم نسخت بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء ، وهذا تكلُّف لا يُحتاج إليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة ، ثم منع منها فكان قوله منسوخاً بقوله . وأما الآية ، فإنها لم تتضمّن جواز المتعة . لأنه تعالى قال فيها : { أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين } فدل ذلك على النكاح الصحيح . قال الزجاج : ومعنى قوله : { فما استمتعتم به منهن } فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت ، وهو قوله { محصنين غير مسافحين } أي : عاقدين التزويج { فآتوهن أجورهنَّ } أي : مهورهن . ومن ذهب في الآية إلى غير هذا ، فقد أخطأ ، وجهل اللغة . قوله تعالى : { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } فيه ستة أقوال . أحدها : أن معناه : لا جناح عليكم فيما تركته المرأة من صداقها ، ووهبته لزوجها ، هذا مروي عن ابن عباس ، وابن زيد . والثاني : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من مقام ، أو فرقة بعد أداء الفريضة ، روي عن ابن عباس أيضا . والثالث : ولا جناح عليكم أيها الأزواج إذا أعسرتم بعد الفرض لنسائكم فيما تراضيتم به من أن ينقصنكم أو يُبرِئنكم ، قاله أبو سليمان التيمي . والرابع : لا جناح عليكم إذا انقضى أجل المتعة أن يزدنكم في الأجل ، وتزيدونهن في الأجر من غير استبراء ، قاله السدي : وهو يعود إلى قصّة المتعة . والخامس : لا جناح عليكم أن تهب المرأة للرجل مهرها ، أو يهب هو للتي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب عليه . قاله الزجاج . والسادس : أنه عام في الزيادة ، والنقصان ، والتأخير ، والإِبراء ، قاله القاضي أبو يعلى .