Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 17-20)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { اللهُ الذي أنزل الكتابَ } يعني القرآن { بالحق } أي : لم ينزله لغير شيء { والميزانَ } فيه قولان : أحدهما : أنه العدل ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والجمهور . والثاني : أنه الذي يوزَن به ، حكي عن مجاهد . ومعنى إِنزاله : إلهامُ الخَلْق أن يَعملوا به ، وأمرُ الله عز وجل إيّاهم بالإِنصاف . وسمِّي العَدْلُ ميزاناً ، لأن الميزان آلة الإِنصاف والتسوية بين الخَلْق . وتمام الآية مشروح في [ الأحزاب : 63 ] . قوله تعالى : { يستعجل بها الذين لا يؤمِنون بها } لأنهم لا يخافون ما فيها ، إذْ لم يؤمنوا بكونها ، فهم يطلبُون قيامها استبعاداً واستهزاءً { والذين آمنوا مشفِقون } أي : خائفون { منها } لأنهم يعلمون أنهم مُحاسَبون ومَجزيُّون ، ولا يدرون ما يكون منهم { ويَعلمون أنَّها الحَقُّ } أي : أنها كائنة لا مَحالة { ألا إِنَّ الذين يُمارونَ في السّاعة } أي : يخاصِمون في كونها { لفي ضلال بعيدٍ } حين لم يتفكَّروا ، فيَعلموا قدرة الله على إقامتها . { اللهُ لطيفٌ بعباده } قد شرحنا معنى [ اسمه ] " اللطيف " في [ الأنعام : 103 ] وفي عباده هاهنا قولان : أحدهما : أنهم المؤمنون . والثاني : أنه عامّ في الكُلّ ولطفُه بالفاجر : أنه لا يُهلِكه . { يرزُق من يشاء } أي : يوسِّع له الرِّزق . قوله تعالى : { من كان يريد حَرْثَ الآخرة } قال ابن قتيبة : أي : عَمَلَ الآخرة ، يقال : فلانُ يحرُث الدُّنيا ، أي : يعمل لها ويجمع المال ؛ فالمعنى : من أراد بعمله الآخرة { نَزِدْ له في حَرْثه } أي : نُضاعِف له الحسنات . قال المفسرون : من أراد العمل لله بما يُرضيه ، أعانه الله على عبادته ، ومن أراد الدُّنيا مُؤْثِرا لها على الآخرة لأنه غير مؤمن بالآخرة ، يؤته منها ، وهو الذي قسم له ، { وما له في الآخرة مِنْ نصيبٍ } لأنه كافر بها لم يعمل لها . فصل اتفق العلماء على أن أول هذه الآية إلى " حرثه " مُحْكَم ، واختلفوا في باقيها على قولين . أحدهما : [ أنه ] منسوخ بقوله { عجَّلْنا له فيها ما نشاء لِمَنْ نُريد } [ الإسراء : 18 ] ، وهذا قول جماعة منهم مقاتل . والثاني : أن الآيتين مُحكَمتان متَّفقتان في المعنى ، لأنه لم يقل في هذه الآية : نؤته مُراده ، فعُلِم أنه إنما يؤتيه الله ما أراد وهذا موافق لقوله : " لِمَنْ نُريد " ، ويحقِّق هذا أن لفظ الآيتين لفظ الخبر ومعناهما معنى الخبر ، وذلك لا يدخُله النسخ ، وهذا مذهب جماعة منهم قتادة .