Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 21-24)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَمْ لهم شركاءُ } يعني كفار مكة ؛ والمعنى ألَهُمْ آلهةٌ { شَرَعوا } أي : ابتدعوا { لهم } دِيناً لم يأذن به الله ؟ ! { ولولا كلمة الفصل } وهي : القضاء السابق بأن الجزاء يكون في القيامة { لقُضِيَ بينهم } في الدنيا بنزول العذاب على المكذِّبين . والظالمون في هذه الآية والتي تليها : يراد بهم المشركون . والإشفاق : الخوف . والذي كَسَبوا : هو الكفر والتكذيب ، { وهو واقعٌ بهم } يعني جزاؤه . وما بعد هذا ظاهر إلى قوله : { ذلك } يعني : ما تقدم ذِكْره من الجنّات { الذي يُبَشِّر اللهُ عبادَه } قال أبو سليمان الدمشقي : " ذلك " بمعنى : هذا الذي أخبرتُكم به بشرى يبشِّر اللهُ بها عباده . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : " يَبْشَرُ " بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين . قوله تعالى : { قُلْ لا أسألُكم عليه أجْراً } في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال : أحدها : أن المشركين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فنزلت هذه الآية ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : أنه لما قَدِم المدينةَ كانت تَنُوبه نوائبُ وليس في يده سَعَةٌ ، فقال الأنصار : إن هذا الرجُل قد هداكم اللهٌ به ، وليس في يده سَعَةٌ ، فاجْمَعوا له من أموالكم مالا يضرُّكم ، ففعلوا ثم أتَوْه به ، فنزلت هذه الآية ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا . والثالث : أن المشركين اجتمعوا في مجمع لهم ، فقال بعضهم لبعض : أتُرَون محمداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة . والهاء في " عليه " كناية عمّا جاء به من الهُدى . وفي الاستثناء هاهنا قولان : أحدهما : أنه من الجنس ، فعلى هذا يكون سائلاً أجراً . وقد أشار ابن عباس في رواية الضحاك إلى هذا المعنى ، ثم قال : نُسخت هذه بقوله { قُلْ ما سألتُكم مِنْ أجر فهوُ لكم … } الآية [ سبأ : 47 ] ، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل . والثاني : أنه استثناء من غير الأول ، لأن الأنبياء لا يَسألون على تبليغهم أجراً ؛ وإنما المعنى : لكنِّي أُذكّرُكم المَوَدَّةَ في القُرْبى ، وقد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس ، منهم العوفي ، وهذا اختيار المحقِّقين ، وهو الصحيح ، فلا يتوجَّه النسخ أصلاً . وفي المراد بالقُربى خمسة أقوال . أحدها : أن معنى الكلام : إلاّ أن تَوَدُّوني لقرابتي منكم ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد في الأكثرين . قال ابن عباس : ولم يكن بطنٌ من بطون قريش إلاّ ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة . والثاني : إلاّ [ أن ] تَوَدُّوا قرابتي ، قاله عليّ بن الحسين ، وسعيد بن جبير ، والسدي . ثم في المراد بقرابته قولان : أحدهما : عليّ وفاطمة وولدها ، وقد رووه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنهم الذين تَحْرُم عليهم الصدقة ويُقْسَم فيهم الخُمُس ، وهم بنو هاشم وبنو المطَّلِب . والثالث : أن المعنى إلاّ أن تَوَدَّدوا إلى الله تعالى فيما يقرِّبكم إليه من العمل الصالح ، قاله الحسن وقتادة . والرابع : إلاّ أن تَوَدُّوني ، كما تَوَدُّون قرابتَكم ، قاله ابن زيد . والخامس : إلاّ أن تَوَدُّوا قرابتَكم وتصِلوا أرحامَكم ، حكاه الماوردي . والأول : أصح . قوله تعالى : { ومَنْ يَقْتَرِفْ } أي : مَنْ يَكْتَسِبْ { حَسَنَةً نَزِدْ له فيها حُسْناً } أي : نُضاعفْها بالواحدة عشراً فصاعداً . وقرأ ابن السميفع ، وابن يعمر ، والجحدري : " يَزِدْ له " له بالياء { إِن الله غفورٌ } للذُّنوب { شَكورٌ } للقليل حتى يضاعفَه . { أم يقولون } أي : بل يقول كفار مكة { افترى على الله كَذِباً } حين زعم أن القرآن من عند الله ! { فإن يشِأ اللهُ يَخْتِمْ على قلبك } فيه قولان . أحدهما : يَخْتِم على قلبك فيُنسيك القرآن ، قاله قتادة . والثاني : يَرْبِط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يَشُقّ عليك قولهم : إنك مفترٍ ، قاله مقاتل والزجاج . قوله تعالى : { ويَمْحُ اللهُ الباطلَ } قال الفراء : ليس بمردود على " يَخْتِمْ " فيكونَ جزماً ، وإنما هو مستأنَف ، ومثله ممّا حُذفتْ منه الواو { ويَدْعُ الإِنسانُ بالشِّرِّ } [ الإسراء : 11 ] وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير . تقديره : والله يمحو الباطل . وقال الزجاج : الوقف عليها " ويمحوا " بواو وألف ؛ والمعنى : واللهُ يمحو الباطل على كل حالٍ ، غير أنها كُتبتْ في المصاحف بغير واو ، لأن الواو تسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين ، فكُتبتْ على الوصل ، ولفظ الواو ثابت ؛ والمعنى : ويمحو اللهُ الشِّرك ويُحِقُّ الحق بما أنزله من كتابه على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم .