Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 36-40)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ومن يَعْشُ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : يُعْرَضْ ، قاله الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والفراء ، والزجاج . والثاني : يَعْمَ ، روي عن ابن عباس أيضاً ، وبه قال عطاء ، وابن زيد . والثالث : أنه البَصَر الضعيف ، حكاه الماوردي . وقال أبوعبيدة : تُظْلِمْ عينه عنه . وقال الفراء : من قرأ : " يَعْشُ " ، فمعناه : يُعْرِضْ ، ومن نصب الشين ، أراد : يَعْمَ عنه ؛ قال ابن قتيبة : لا أرى القول إلاّ قولَ أبي عبيدة ، ولم نر أحداً يجيز " عَشَوْتُ عن الشيء " : أعرضتُ عنه ، إِنما يقال : " تَعاشَيْتُ عن كذا " ، أي : تغافلتُ عنه ، كأنِّي لم أره . ومثلُه : تعامَيْتُ والعرب تقول : " عَشَوْتُ إِلى النار " : إِذا استدللتَ إِليها ببصر ضعيف ، قال الحطيئة : @ متَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلى ضَوْءِ نَارِهِ تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ @@ ومنه حديث ابن المسّيب : " أن إحدى عينَيْه ذهبتْ ، وهو يَعْشُو بالأًخرى " ، أي : يُبْصِر بها بصراً ضعيفاً . قال المفسرون : " ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْر الرحمن " فلم يَخَف عِقابه ولم يلتفت إِلى كلامه " نقيِّضْ له " أي : نسبب له " شيطاناً " فنجعل ذلك جزاءَه " فهو له قرين " لا يفارقه . { وإِنهم } يعني الشياطين { لَيَصُدُّونهم } يعني الكافرين ، أي : يمنعونهم عن سبيل الهدى ؛ وإِنما جمع ، لأن { مَنْ } في موضع جمع ، { وَيحْسَبون } يعني كفار بني آدم ( أنهم ) على هدىً . { حتَّى إذا جاءنا } وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : { جاءنا } واحد ، يعني الكافر . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : { جاءانا } بألفين على التثنية يعنون الكافر وشيطانه . وجاء في التفسير : أنهما يُجعلان يومَ البعث في سلسلة ، فلا يفترقان حتى يًصَيِّرَهما الله إِلى النار ، { قال } الكافر للشيطان : { يا ليت بيني وبينَك بُعدَ المَشْرِقَيْنِ } أي : بُعْدَ ما بين المَشْرِقَيْن ؛ وفيهما قولان : أحدهما : أنهما مَشْرِقُ الشمس في أقصر يوم في السنة ، ومَشْرِقُها في أطول يوم ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . والثاني : أنه أراد المَشْرِق والمَغْرِب ، فغلَّب ذِكْر المَشْرِق ، كما قالوا سُنَّة العُمَرَيْن ، يريدون : أبا بكر وعمر ، وأنشدوا من ذلك : @ أَخَذْنا بِآفاقِ السَّماءِ عَلَيْكُمُ لَنا قَمراها والنُّجُومُ الطَّوالِعُ @@ يريد : الشمس والقمر ؛ وأنشدوا : @ فَبَصْرَةُ الأزّدِ مِنَّا والعِراقُ لَنا والمَوْصِلانِ ومِنَّا مِصْرُ والحَرَمُ @@ يريد : الجزيرة والموصل ، [ وهذا اختيار الفراء ، والزجاج ] . قوله تعالى : { فبِئْسَ القَرِينُ } أي : أنتَ أيُّها الشَّيطان . ويقول الله عز وجل يومئذ للكفار : { ولن ينفَعَكم اليومَ إِذ ظَلَمْتُم } أي : أشركتم في الدنيا { أنَّكم في العذاب مشترِكون } أي : لن ينفعكم الشِّركة في العذاب ، لأن لكل واحد منه الحظَّ الأوفر . قال المبرِّد : مُنِعوا روح التَّأسِّي ، لأن التَّأسِّيَ يُسهِّل المُصيبة ، وأنشد للخنساء أخت صخر بن مالك في هذا المعنى : @ ولَوْلا كَثْرَةُ الباكينَ حَوْلِي على إِخْوانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي وما يَبْكُونَ مِثْلَ أخي ولكِنْ أُعَزِي النَّفْسَ عَنْهُ بالتَّأسِّي @@ وقرأ ابن عامر : { إِنَّكم } بكسر الألف . ثم أخبر عنهم بما سبق لهم من الشَّقاوة بقوله : { أفأنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ … } الآية .