Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 45-56)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { واسألْ مَنْ أرسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا } إن قيل : كيف يسأل الرُّسل وقد ماتوا قبله ؟ فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها : أنه لمّا أُسري به جُمع له الأنبياءُ فصلَّى بهم ، ثم قال [ له ] جبريل : سَلْ من أرسَلْنا قَبْلَك … الآية . فقال : لا أَسألُ ، قد اكتَفَيْتُ . رواه عطاء عن ابن عباس . وهذا قول سعيد بن جبير ، والزهري ، وابن زيد ؛ قالوا : جُمع له الرُّسل ليلةَ أُسري به ، فلقَيهم ، وأُمر أن يسألَهم ، فما شَكّ ولا سأل . والثاني : أن المراد : [ اسأل ] مؤمني أهل الكتاب [ من ] الذين أرسلت إِليهم الأنبياء ، روي عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي في آخرين . قال ابن الأنباري : والمعنى سَلْ أتباع مَنْ أرسَلْنا قَبْلَكَ ، كما تقول : السخاء حاِتم ، أي : سخاء حاتِم ، والشِّعر زهير ، أي : شِعر زهير . وعند المفسرين أنه لم يسأل على القولين . وقال الزجاج : هذا سؤال تقرير ، فإذا سأل جميع الأمم ، لم يأتوا بأن في كتبهم : أن اعبدوا غيري . والثالث : [ أن ] المُراد بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم : خطابُ أُمَّته ، فيكون المعنى : سَلُوا ، قاله الزجاج . وما بعد هذا ظاهر إلى قوله : { إذ هُمْ منها يَضحكون } استهزاءً بها وتكذيباً . { وما نُريهم مِنْ آيةٍ إِلاّ هي أكبرُ مِنْ أُختها } يعني ما ترادف عليهم من الطُّوفان والجراد والقُمَّل والضَّفادع والدَّم والطَّمْس ، فكانت كُلُّ آية أكبرَ من التي قَبْلَها ، وهي العذاب المذكور في قوله : { وأَخَذْناهم بالعذاب } ، فكانت عذاباً لهم ، ومعجزات لموسى عليه السلام . قوله تعالى : { وقالوا يا أيُّها السّاحر } في خطابهم له بهذا ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم أرادوا : يا أيها العالِم ، وكان الساحر فيهم عظيماً ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنهم قالوه على جهة الاستهزاء ، قاله الحسن . والثالث : أنهم خاطبوه بما تقدَّم له عندهم من التَّسمية بالسّاحر ، قاله الزجّاج . قوله تعالى : { إنَّنا لَمُهتدون } أي : مؤمنون بك . فدعا موسى فكُشف عنهم ، فلم يؤمِنوا . وقد ذكرنا ما تركناه هاهنا في [ الأعراف : 135 ] . قوله تعالى : { تَجْرِي مِنْ تَحتي } أي : من تحت قصوري { أفلا تُبْصِرونَ } عظَمتي وشِدَّةَ مُلكي . ؟ ! { أَمْ أنا خَيْرٌ } قال أبو عبيدة : أراد : بل أنا خَيْرٌ . وحكى الزجاج عن سيبويه والخليل أنهما قالا : عطف { أنا } بـ { أمْ } على { أفلا تُبْصِرون } [ فكأنه قال : أفلا تُبْصِرون ] أم أنتم بُصَراء ؟ ! . لأنهم إِذا قالوا : أنتَ خيرٌ منه ، فقد صاروا عنده بُصَراءَ . قال الزجاج : والمَهينِ القليل ؛ يقال : شيء مَهِين ، أي : قليل . وقال مقاتل : " مَهِين " بمعنى ذليل ضعيف . قوله تعالى : { ولا يكاد يُبين } أشار إِلى عُقدة لسانه التي كانت به ثم أذهبها الله عنه ، فكأنه عيَّره بشيءٍ قد كان وزال ، ويدل على زواله قوله تعالى : { قد أُوتيتَ سؤلكَ يا موسى } [ طه : 36 ] ، وكان في سؤاله : { واحْلُلْ عُقْدَةً من لساني } [ طه : 27 ] . وقال بعض العلماء : ولا يكاد يُبِين الحُجَّة ولا يأتي ببيان يُفْهم . { فلولا } أي : فهلاّ { أُلْقِيَ عليه أسَاوِرَةٌ مِنْ ذهبٍ } وقرأ حفص عن عاصم : { أسْوِرةٌ } بغير ألف . قال الفراء : واحد الأساوِرة : إِسْوار ، وقد تكون الأساوِرة جمع أسْوِرة . كما يقال في جمع الأسْقِية : الأساقي ، وفي جمع الأكْرُع : الأكارِع . وقال الزجاج : يصلُح أن تكون الأساوِرة جمع الجمع ، تقول : أسْوِرَة وأساوِرة ، كما تقول : أقوال وأقاويل ، ويجوز أن تكون جمع إسْوار . وإنما صرفتَ أساوِرة ، لأنك ضممتَ الهاء إِلى أساوِر فصار اسماً واحداً ، وصار له مثال في الواحد نحو " علانية " . قال المفسرون : إِنما قال فرعون هذا لأنهم كانوا إذا سوَّدوا الرجل منهم سوَّروه بِسِوار . { أو جاء معه الملائكةُ مُقْتَرِنِينَ } فيه قولان : أحدهما : متتابعين ، قاله قتادة . والثاني : يمشون معه ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { فاستَخَفَّ قومَه } قال الفراء : استفزَّهم ؛ وقال غيره : استخَفَّ أحلامَهم وحملهم على خِفَّة الحِلْم بكيده وغُروره { فأطاعوه } في تكذيب موسى . { فلمّا آسَفُونا } قال ابن عباس : أغضبونا . قال ابن قتيبة : الأسَف : الغَضَب ، يقال أسِفْتُ آسَفُ أسَفاً أي : غَضِبْتُ . { فجَعَلْناهم سَلَفاً } أي : قوماً تقدَّموا . وقرأها أبو هريرة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وحميد الأعرج : " سُلَفاً " بضم السين وفتح اللام كأن واحدته سُلْفَةٌ من الناس ، مثل القِطعة ، يقال : تقدمتْ سُلْفَةٌ من الناس ، أي : قِطعة منهم . وقرأ حمزة ، والكسائي : { سُلُفاً } بضم السين واللام ، وهو جمع " سَلَف " ، كما قالوا : خَشَب وخُشُب ، وثَمَر وثُمُر ، ويقال : هو جمع " سَلِِيفٍ " وكلُّه من التقدُّم وقال الزجاج : " السَّلِيف " جمعٌ قد مضى ، والمعنى : جعلْناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتعظ بهم الآخرون . قوله تعالى : { ومثلاً } أي : عبرة وعظة .