Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 57-66)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولمّا ضُرِبَ ابنُ مريمَ مَثَلاً } أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في مجادَلة ابنِ الزِّبعري رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله : { إِنَّكم وما تعبُدون مِنْ دونِ الله … } الآية [ الأنبياء : 98 ] وقد شرحنا القصة في سورة [ الأنبياء : 101 ] . والمشركون هم الذين ضربوا عيسى مَثَلاً لآلهتهم وشبَّههوه بها ، لأن تلك الآية إنما تضمنت ذِكْر الأصنام لأنها عُبِدَتْ مِنْ دون الله ، فألزموه عيسى ، وضربوه مَثلاً لأصنامهم ، لأنه معبود النصارى . والمراد بقومه : المشركون . فأمّا { يَصِدُّونَ } فقرأ ابن عامر ، ونافع ، والكسائي : بضم الصاد ، وكسرها الباقون ؛ قال الزجاج : ومعناهما جميعاً : يَضِجُّون ، ويجوز أن يكون معنى المضمومة : يُعْرِضون . وقال أبو عبيدة : من كسر الصاد ، فمجازها : يَضِجُّون ، ومن ضمَّها ، فمجازها : يَعْدِلون . قوله تعالى : { وقالوا أآلهتُنا خيرٌ أَمْ هُوَ } المعنى : ليست خيراً منه ، فإن كان في النار لأنه عُبِدَ مِنْ دون الله ، فقد رضينا أن تكون آلهتُنا بمنزلته . { ما ضَرَبوه لك إلاّ جَدَلاً } أي : ما ذَكَروا عيسى إَلاّ ليجادلوك به ، لأنهم قد عَلِموا أن المراد بـ { حَصَب جهنم } ما اتخذوه من الموات { بل هُمْ قَوْمٌ خَصِمونَ } أي : أصحاب خصومات . قوله تعالى : { وجَعَلْناه مَثَلاً } أي : آية وعبرة { لبني إسرائيل } يعرِفون به قُدرة الله على ما يريد ، إِذ خلَقه من غير أب . ثم خاطب كفار مكة ، فقال : { ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم } فيه قولان : أحدهما : أن المعنى : لَجَعَلْنا بدلاً منكم { ملائكةً } ؛ ثم في معنى { يَخْلُفُونَ } ثلاثة أقوال . أحدها : يخلُف بعضُهم بعضاً ، قاله ابن عباس . والثاني : يخلُفونكم ليكونوا بدلاً منكم ، قاله مجاهد . والثالث : يخلُفون الرُّسل فيكونون رسلاً إِليكم بدلاً منهم ، حكاه الماوردي . والقول الثاني : أن المعنى : " ولو نشاء لجَعَلْنا منكم ملائكة " أي : قَلَبْنَا الخِلقة فجَعَلْنا بعضَكم ملائكةً يخلُفون مَنْ ذهب منكم ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { وإِنه لَعِلْمٌ للسّاعة } في هاء الكناية قولان : أحدهما : [ أنها ] تَرْجِع إِلى عيسى عليه السلام . ثم في معنى الكلام قولان . أحدهما : نزولُ عيسى من أشراط الساعة يُعْلَم به قُربها ، وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي . والثاني : أن إحياءَ عيسى الموتى دليلٌ على الساعة وبعث الموتى ، قاله ابن إِسحاق . والقول الثاني : أنها تَرْجِع إلى القرآن ، قاله الحسن ، وسعيد بن جبير . وقرأ الجمهور { لَعِلْمٌ } بكسر العين وتسكين اللام ؛ وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين ، وأبو عبد الرحمن ، وقتادة ، وحميد ، وابن محيصن : بفتحهما . قال ابن قتيبة : من قرأ بكسر العين ، فالمعنى أنه يُعْلَم به قُرْبُ الساعة ، ومن فتح العين واللام ، فإنه بمعنى العلامة والدليل . قوله تعالى : { فلا تَمْتَرُنَّ بها } أي : فلا تَشُكُّنًّ فيها { واتبعون } على التوحيد { هذا } الذي أنا عليه { صراط مستقيم } . { ولمّا جاء عيسى بالبيِّنات } قد شرحنا هذا في [ البقرة : 87 ] . { قال قد جئتُكم بالحكمة } وفيها قولان . أحدهما : النُّبوَّة ، قاله عطاء ، والسدي . والثاني : الإِنجيل قاله مقاتل . { وَلأُبَيِّن لكم بعضَ الذي تختلفون فيه } أي من أمر دينكم ؛ وقال مجاهد : " بعضَ الذي تختلفون فيه " من تبديل التوراة ؛ وقال ابن جرير : من أحكام التوراة . وقد ذهب قوم إِلى أن البعض هاهنا بمعنى الكُلّ . وقد شرحنا ذلك في [ حم المؤمن : 28 ] ؛ قال الزجاج : والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكُلّ ، وإِنما بيَّن لهم عيسى بعض الذي اختلَفوا فيه ممّا احتاجوا إِليه ؛ وقد قال ابن جرير : كان بينهم اختلاف في أمر دينهم ودنياهم ، فبيَّن لهم أمر دينهم فقط . وما بعد هذا قد سبق بيانه [ النساء : 175 ] [ مريم : 37 ] إلى قوله : { هل ينظُرونَ } يعني كفار مكة .