Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 74-83)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ المُجْرِمينَ } يعني الكافرين ، { لا يُفَتَّرُ } أي : لا يُخَفَّفُ { عنهم وهُم فيه } يعني في العذاب { مُبْلِسُونَ } قال ابن قتيبة : آيسون من رحمة الله . وقد شرحنا هذا في [ الأنعام : 44 ] { وما ظَلَمْناهم } أي : ما عذَّبْناهم على غير ذَنْبٍ { ولكن كانوا هُمُ الظالمين } لأنفسهم بما جَنَوْا عليها . قال الزجاج : والبصريُّون يقولون : " هُم " هاهنا فصل ، كذلك يسمُّونها ، ويسمِّيها الكوفيُّون العِماد . قوله تعالى : { ونادَوا يا مالِكُ } وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وابن مسعود ، وابن يعمر : [ " يا مالِ " ] بغير كاف مع كسر اللام . قال الزجاج : وهذا يسميه النحويون : [ الترخيم ] ، ولكني أكرهها لمخالفة المصحف . قال المفسرون : يَدْعُون مالكاً خازنَ النار فيقولون { لِيَقْضِ علينا ربُّكَ } [ أي ] : لِيُمِتْنا ؛ والمعنى : أنهم توسَّلوا به ليَسأل الله تعالى لهم الموتَ فيستريحوا من العذاب ؛ فيسكُت ، عن جوابهم مُدَّةً ، فيها أربعة أقوال . أحدها : أربعون عاماً ، قاله عبد الله بن عمرو ، ومقاتل . والثاني : ثلاثون سنة قاله أنس . والثالث : ألف سنة ، قاله ابن عباس . والرابع : مائة سنة ، قاله كعب . وفي سكوته عن جوابهم هذه المدة قولان . أحدهما : أنه سكت حتى أوحى الله إِليه أَن أَجِبْهم ، قاله مقاتل . والثاني : لأن بُعْدَ ما بين النداء والجواب أخزى لهم وأذَلُّ . قال الماوردي : فردَّ عليهم مالك فقال { إِنكم ماكثون } أي : مقيمون في العذاب . { لقد جئناكم بالحق } أي : أرسَلْنا رسلنا بالتوحيد { ولكنَّ أكثركم } قال ابن عباس يريد : كُلّكم { كارِهونَ } لِما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى : { أمْ أبرَموا أمْراً } في " أَمْ " قولان . أحدهما : أنها للاستفهام . والثاني : بمعنى " بل " والإِبرام : الإِحكام . وفي هذا الأمر ثلاثة أقوال . أحدها : المَكْرُ برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتُلوه أو يُخْرِجوه حين اجتمعوا في دار النَّدوة ؛ وقد سبق بيان القصة [ الأنفال : 30 ] ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه إِحكام أمرهم في تكذيبهم ، قاله قتادة . والثالث : أنه إِبرامُ أمرهم يُنجيهم من العذاب قاله الفراء . { فإنّا مُبرِمون } أي : مُحْكِمون أمراً في مجازاتهم . { أَمْ يَحْسَبوْن أنّا لا نَسْمَع سِرَّهم } وهو ما يُسِرُّونه من غيرهم { ونجواهم } ما يتناجَوْن به بينهم { بلى } والمعنى : إنّا نَسمع ذلك { ورُسُلنا } يعني [ من ] الحَفَظة { لديهم يكتُبون } . { قُلْ إِنْ كان للرحمن وَلَدٌ } في " إِنْ " قولان . أحدهما : أنها بمعنى الشرط ؛ والمعنى : إِن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم ، فعلى هذا في قوله { فأنا أوَّلُ العابدِين } أربعة أقوال . أحدها : فأنا أول الجاحدين ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : أن أعرابيَّين اختصما إليه ، فقال أحدهما : إِن هذا كانت لي في يده أرض ، فعبدنيها . فقال ابن عباس : الله أكبر فأنا أوَّلُ العابدين الجاحدين أن لله ولداً . والثاني : فأنا أوَّل مَنْ عَبَدَ اللهَ مخالفاً لقولكم ، هذا قول مجاهد . وقال الزجاج : معناه : إن كنتم تزعُمون للرحمن وَلَداً ، فأنا أوَّل الموحِّدين . والثالث : فأنا أول الآنفين لله مما قُلتم . قاله ابن السائب ، وأبو عبيدة . قال ابن قتيبة : يقال عَبِدْتُ من كذا ، أَعبَدُ عَبَداً ، فأنا عَبِدٌ وعابِدٌ قال الفرزدق : @ [ أولئكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم ] وأَعْبَدُ أنْ تُهْجَى تَمِيمٌ بِدارِمِ @@ أي : آنَفُ وأنشد أبو عبيدة : @ وأَعْبَدُ أن أسُبَّهُمُ بقَوْمِي وأُوثِرُ دارِماً وبَنِي رَزاحِ @@ والرابع : أن معنى الآية : كما أنِّي لستُ أول عابدٍ لله فكذلك ليس له ولد ؛ وهذا كما تقول : إن كنتَ كاتباً فأنا حاسبٌ ، أي لستَ كاتباً ولا أنا حاسبٌ . حكى هذا القول الواحدي عن سفيان بن عيينة . والقول الثاني : أنّ " إِنْ " بمعنى " ما " قاله الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ؛ فيكون المعنى : ما كان للرحمن [ ولد ] ، فأنا أولُ من عَبَدَ اللهَ على يقين أنه لا وَلَدَ له . وقال أبو عبيدة : الفاء على [ هذا القول ] بمعنى الواو . قوله تعالى : { فذَرْهم } يعني كفار مكة { يخوضوا } في باطلهم { ويَلْعَبوا } في دنياهم { حتَّى يُلاقوا } وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وابن محيصن ، وأبو جعفر : " حتَّى يَلْقَوا " بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف . والمراد : يلاقوا [ يوم ] القيامة . وهذه الآية [ عند الجمهور ] منسوخة بآية السيف .