Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 9-10)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قل ما كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل } أي : ما أنا بأوَّل رسولٍ . والبِدْع والبديع من كل شيء : المبتدأ { وما أَدري ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُم } وقرأ ابن يعمر ، وابن أبي عبلة : " ما يَفْعَلُ " بفتح الياء ثم فيه قولان : أحدهما : أنه أراد بذلك ما يكون في الدنيا . ثم فيه قولان : أحدهما : [ أنه ] لمّا اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى في المنام أنه هاجر إلى أرضٍ ذاتِ نخلٍ وشجرٍ وماءٍ ، فقصَّها على أصحابه ، فاستبشَروا بذلك لما يلقَون من أذى المشركين . ثم إِنهم مكثوا بُرهة لا يرَوْن ذلك ، فقالوا : يا رسول الله متى تُهاجِر إلى الأرض التي رأيتَ ؟ فسكت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : { وما أدري ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُم } يعني : لا أدري ، أخرُجُ إِلى الموضع الذي رأيتُه في منامي أم لا ؟ ثم قال : إِنما هو شيء رأيتُه في منامي ، وما { أتَّبع إِلاّ ما يوحَى إِليَّ } ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وكذلك قال عطية : ما أدري هل يتركني بمكة أو يُخرجني منها . والثاني : ما أدري هل أُخْرَج كما أُخْرج الأنبياءُ قَبْلي ، أو أُقْتَل كما قُتِلوا ، ولا أدري ما يُفْعَل بكم ، أتعذَّبونَ أم تؤخَّرونَ ؟ أتُصدَّقونَ أم تُكذَّبونَ ؟ قاله الحسن . والقول الثاني : أنه أراد ما يكون في الآخرة . روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لمّا نزلتْ هذه الآية ، نزل بعدها { لِيَغْفِرَ لكَ اللهُ ما تقدَّم مِنْ ذَنْبِكَ وما تأخَّر } [ الفتح : 2 ] وقال : { ليِدُخِلْ المؤمِنينَ والمؤمِناتِ جنّات } الآية [ الفتح : 5 ] فأُعلم ما يُفْعَل به وبالمؤمنين . وقيل : إن المشركين فرحوا عند نزول هذه الآية وقالوا : ما أمْرُنا وأمْرُ محمد إلاّ واحد ، ولولا أنه ابتدع ما يقوله لأخبره الذي بعثه بما يفعل به ، فنزل قوله : { لِيَغْفِرَ لكَ اللهُ … } الآية [ الفتح : 2 ] ، فقال الصحابة : هنيئاً لك يا رسول الله ، فماذا يُفْعَل بنا ؟ فنزلت { لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جنّاتٍ } الآية [ الفتح : 5 ] ؛ وممن ذهب إِلى هذا القول أنس ، وعكرمة ، وقتادة . وروي عن الحسن ذلك . قوله تعالى : { قُلْ أرأيتُم إِنْ كان مِنْ عِنْدِ اللهِ } يعني القرآن { وكَفَرْتُم به وشَهدَ َشاهدٌ مِنْ بني إِسرائيل } وفيه قولان : أحدهما : أنه عبد الله بن سلام ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد . والثاني : أنه موسى بن عمران عليه السلام ، قاله الشعبي ، ومسروق . فعلى القول الأول يكون ذكر المثل صلة ، فيكون المعنى : وشهد شاهد من بني إِسرائيل عليه ، أي : على أنه من عند الله ، { فآمن } الشاهد ، وهو ابن سلام { واستَكْبرتُم } يا معشر اليهود . وعلى الثاني : يكون المعنى : وشَهِد موسى على التوراة التي هي مِثْل القرآن أنها من عند الله ، كما شهد محمد على القرآن أنه كلام الله ، " فآمن " مَنْ آمن بموسى والتوراة " واستَكْبرتُم " أنتم يا معشر العرب أن تؤمِنوا بمحمد والقرآن . فإن قيل : أين جواب " إِنْ " ؟ قيل : هو مُضْمَر ؛ وفي تقديره ستة أقوال : أحدها : أن جوابه : فَمنْ أَضَلُّ منكم ، قاله الحسن . والثاني : أن تقدير الكلام : وشَهِدَ شاهدٌ من بني إِسرائيل على مثله فآمن ، أتؤمِنون ؟ قاله الزجاج . والثالث : أن تقديره : أتأمنون عقوبة الله ؟ قاله أبو علي الفارسي . والرابع : أن تقديره : أفما تهلكون ؟ ذكره الماوردي . والخامس : مَن المُحِقُّ مِنّا ومِنكم ومَن المُبْطِل ؟ ذكره الثعلبي . والسادس : أن تقديره : أليس قد ظَلَمْتُمْ ؟ ويدُلُّ على هذا المحذوف قوله : { إِنَّ الله لا يَهْدِي القومَ الظالمين } ، ذكره الواحدي .