Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 4-10)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هو الذي أنزل السَّكينة } أي : السُّكون والطمُّأنينة { في قلوب المؤمنين } لئلاّ تنزعج قلوبُهم لِمَا يَرِد عليهم ، فسلَّموا لقضاء الله ، وكانوا قد اشتد عليهم صَدُّ المشركين لهم عن البيت ، حتى قال عمر : علامَ نُعطي الدَّنِيَّة في ديننا ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " أنا عَبْدُ الله ورسوله ، لن أُخالِف أمره ولن يُضَيِّعني " ، ثم أَوْقَعَ اللهُ الرِّضى بما جرى في قلوب المسلمين ، فسلَّموا وأطاعوا . { لِيَزدادوا إيماناً } وذلك أنه كلَّما نزلت فريضة زاد إِيمانُهم . { وللهِ جُنودُ السموات والأرضَ } يريد : أن جميع أهل السموات والأرض مُلْكٌ له لو أراد نُصرة نبيِّه بغيركم لَفَعَل ، ولكنه اختاركم لذلك ، فاشكُروه . قوله تعالى : { لِيُدْخِلَ المؤمنين … } الآية . سبب نزولها أنه لمّا نزل قوله { إِنّا فَتَحْنا لك } قال أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم : هنيئاً لك يا رسول الله بما أعطاك الله ، فما لَنا ؟ فنزلت هذه الآية ، قاله أنس بن مالك . قال مقاتل : فلمّا سمع عبد الله بن أُبيّ بذلك ، انطلق في نَفَرٍ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما لَنا عند الله ؟ فنزلت { ويُعذِّبَ المنافقين … } الآية . قال ابن جرير : كُرِّرت اللاّمُ في " لِيُدْخِلَ " على اللام في " لِيَغْفِرَ " ، فالمعنى : إَِنّا فَتَحْنا لك لِيَغْفِرَ لك اللهُ لِيُدْخِلَ المؤمنين ، ولذلك لم يُدخِل بينهما واو العطف ، والمعنى : لِيُدْخِل ولِيُعَذِّب . قوله تعالى : { عليهم دائرةُ السُّوْء } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : بضم السين ؛ والباقون بفتحها . قوله تعالى : { وكان ذلك } أي : ذلك الوَعْد بإدخالهم الجنة وتكفير سيِّئاتهم { عِنْدَ الله } أي : في حُكمه { فَوزاً عظيماً } لهم ؛ والمعنى : أنه حكم لهم بالفَوْز ، فلذلك وعدهم إِدخال الجنة . قوله تعالى : { الظانِّين بالله ظَنَّ السَّوْءِ } فيه خمسة أقوال : أحدها : أنهم ظنُّوا أن لله شريكاً . والثاني : أن الله لا ينصُر محمداً وأصحابه . والثالث : أنهم ظنُّوا به حين خرج إِلى الحديبية أنه سيُقْتَل أويُهْزَمُ ولا يعود ظافراً . والرابع : أنهم ظنُّوا أنهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة عند الله . والخامس : ظنُّوا أن الله لا يبعث الموتى وقد بيَّنّا معنى " دائرة السّوء في [ براءة : 98 ] . وما بعد هذا قد سبق بيانه [ الفتح : 4 ] [ الاحزاب : 45 ] إِلى قوله : { لِيؤْمِنوا بالله ورسوله } قرأ ابن كثير " ، وأبو عمرو : " لِيُؤْمِنوا " بالياء " ويُعزِّروه ويُوقِّروه ويُسبِّحوه " كلُّهن بالياء ، والباقون : بالتاء ؛ على معنى : قل لهم : إِنّا أرسلناك ، لتؤمنوا . وقرأ علي بن أبي طالب : وابن السميفع : { ويُعَزٍّزوه } بزاءين وقد ذكرنا في [ الأعراف : 157 ] معنى " ويُعَزِّروه " عند قوله : { وعزَّروه ونصروه } . قوله تعالى : { ويوقِّروه } أي : يعظِّموه ويبجِّلوه . واختار كثير من القرَّاء الوقف هاهنا ، لاختلاف الكناية فيه وفيما بعده . قوله تعالى : { ويسبِّحوه } هذه الهاء ترجع إلى الله عز وجل . والمراد بتسبيحه هاهنا : الصلاةُ له . قال المفسرون : والمراد بصلاة البُكرة الفجر ، وبصلاة الأصيل باقي الصلوات الخمس . قوله تعالى : { إِن الذين يبايعونك } يعني بَيْعة الرّضوان بالحديبية . وعلى ماذا بايعوه ؟ فيه قولان : أحدهما : أنهم بايعوه على الموت ، قاله عبادة بن الصامت . والثاني : على أن لا يفِرًّوا ، قاله جابر بن عبد الله . ومعناهما متقارب ، لأنه أراد : على أن لا تَفرُّوا ولو متُّم ، وسمِّيتْ بَيْعة ، لأنهم باعوا أنفُسهم من الله بالجنة ، وكان العَقْد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنهم بايَعوا اللهَ عز وجل ، لأنه ضَمِن لهم الجنة بوفائهم . { يَدُ الله فَوْقَ أيديهم } فيه أربعة أقوال . أحدها : يد الله في الوفاء فوق أيديهم . والثاني : يد الله في الثواب فوق أيديهم . والثالث : يد الله عليهم في المنّة بالهداية فوق أيديهم بالطاعة ، ذكر هذه الأقوال الزجاج . والرابع : قُوَّة الله ونُصرته فوق قُوَّتهم ونُصرتهم ، ذكره ابن جرير وابن كيسان . قوله تعالى : { فمَنْ نَكَثَ } أي : نقض ما عقده من هذه البَيْعة { فإنَّما يَنْكُثُ على نَفْسه } أي : يَرْجِع ذلك النَّقْضُ عليه { ومن أوفى بما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ } من البَيْعة { فسنُؤتيه } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وأبان عن عاصم : { فسنُؤتيه } بالنون . وقرأ عاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : بالياء { أجْراً عظيماً } وهو الجنة . قال ابن السائب : فلم ينكُث العهد منهم غير رجل واحد يقال له : الجدّ بن قيس ، وكان منافقاً .