Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 32-32)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { من أجل ذلك } قال الضحاك : من أجل ابن آدم الذي قتل أخاه ظلماً . وقال أبو عبيدة : من جناية ذلك ، ومن جري ذلك . قال الشاعر : @ وأهل خباءٍ صالحٍ ذَاتُ بينهم قدِ احتربوا في عاجِلٍ أنا آجِلُه @@ أي : جانيه وجارٌ ذلك عليهم . وقال قوم : الكلام متعلق بما قبله ، والمعنى : فأصبح من النادمين من أجل ذلك . فعلى هذا يَحسن الوقف هاهنا ، وعلى الأول لا يحسُن الوقف . والأول أصح . و « كتبنا » بمعنى : فرضنا . ومعنى { قتل نفساً بغير نفس } أي : قتلها ظلماً ولم تقتل نفساً . { أو فسادٍ في الأرض } « فساد » منسوق على « نفس » المعنى : أو بغير فساد تستحق به القتل . وقيل : أراد بالفساد هاهنا : الشرك . وفي معنى قوله : { فكأنّما قتل الناس جميعاً } خمسة أقوال . أحدها : أن عليه إِثم من قتل الناس جميعاً ، قاله الحسن ، والزجاج . والثاني : أنه يصلى النار بقتل المسلم ، كما لو قتل الناس جميعاً ، قاله مجاهد ، وعطاء وقال ابن قتيبة : يُعذَّبُ كما يُعذَّب قاتل النَّاسِ جميعاً . والثالث : أنه يجب عليه من القصاص مثل ما لو قتل الناس جميعاً ، قاله ابن زيد . والرابع : أن معنى الكلام ينبغي لجميع الناس أن يُعينوا ولي المقتول حتى يُقيدوه منه ، كما لو قتل أولياءَهم جميعاً ، ذكره القاضي أبو يعلى . والخامس : أن المعنى : من قتل نبياً أو إِماماً عادلاً ، فكأنما قتل الناس جميعاً ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والقول بالعموم أصح . فإن قيل : إِذا كان إِثم قاتل الواحد كاثم من قتل الناس جميعاً ، دل هذا على أنه لا إِثم عليه في قتل مَن يقتله بعد قتل الواحد إِلى أن يفنى الناس ؟ فالجواب : أن المقدار الذي يستحقّه قاتل الناس جميعاً ، معلوم عند الله محدود ، فالذي يقتل الواحد يلزمه ذلك الإِثم المعلوم ، والذي يقتل الاثنين يلزمه مثلاه ، وكلما زاد قتلاً زاده الله إِثماً ، ومثل هذا قوله : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } [ الأنعام : 160 ] فالحسنة معلوم عند الله مقدار ثوابها ، فعاملها يعطى بمثل ذلك عشر مرات . وهذا الجواب عن سؤال سائل إِن قال : إِذا كان من أحيا نفساً فله ثواب من أحيا الناس ، فما ثواب من أحيا الناس كلَّهم ؟ هذا كله منقول عن المفسرين . والذي أراه أن التشبيه بالشيء تقريبٌ منه ، لأنه لا يجوز أن يكون إِثم قاتل شخصين كإثم قاتل شخص ، وإِنما وقع التشبيه بـ « كأنما » ، لأن جميع الخلائِق من شخص واحد ، فالمقتول يتصوّر منه نشر عدد الخلق كلِّهم . وفي قوله : { ومَن أحياها } خمسة أقوال . أحدها : استنقذها من هلكةٍ ، روي عن ابن مسعود ، ومجاهد . قال الحسن : من أحياها من غرق أو حرق أو هلاك . وفي رواية عكرمة عن ابن عباس : من شدَّ عَضُدَ نبي أو إِمامٍ عادِلٍ فكأنما أحيا الناس جميعاً . والثاني : ترك قتل النفس المحرّمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية . والثالث : أن يعفو أولياء المقتول عن القصاص ، قاله الحسن ، وابن زيد ، وابن قتيبة . والرابع : أن يزجر عن قتلها ، وينهى . والخامس : أن يعين الوليَّ على استيفاء القصاص ، لأن في القصاص حياةً ، ذكرهما القاضي أبو يعلى ، وفي قوله : { فكأنّما أحيا الناس جميعاً } قولان . أحدهما : فله أجر من أحيا الناس جميعاً ، قاله الحسن ، وابن قتيبة . والثاني : فعلى جميع الناس شكره ، كما لو أحياهم ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات } يعني : بني إِسرائيل الذين جرى ذكرهم .