Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 30-40)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يومَ نقول لجهنم } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ؛ وحمزة ، والكسائي : « يومَ نقول » بالنون المفتوحة وضم القاف . [ وقرأ نافع ، وأبو بكر ، والمفضل عن عاصم : « يومَ يقول » بالياء المفتوحة وضم القاف ] . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، والحسن ، وعبد الوارث عن أبي عمرو : « يومَ يُقال » بياء مضمومة وفتح القاف وإثبات ألف . قال الزجاج : وانتصاب « يومَ » على وجهين ، أحدهما : على معنى : ما يُبدَّل القولُ لديَّ في ذلك اليوم . والثاني : على معنى : وأَنْذِرْهم يومَ نقولُ لجهنم . فأمّا فائدة سؤاله إيّاها ، وقد عَلِم هل امتلأتْ أم لا ، فإنه توبيخ لمن أُدْخِلها ، وزيادة في مكروهه ، ودليل على تصديق قوله : { لأَملأنَّ جهنمَ } [ الأعراف : 18 ] . وفي قولها : { هل من مزيد } قولان عند أهل اللغة . أحدهما : أنها تقول ذلك بعد امتلائها ، فالمعنى : هل بقي فيَّ موضعٌ لم يمتلىء ؟ أي : قد امتلأتُ . والثاني : أنها تقول تغيُّظاً على من عصى اللهَ تعالى ، وجَعَلَ اللهُ فيها أن تميِّز وتخاطِب ، كما جَعَلَ في النملة أن قالت : { أُدخُلوا مساكنَكم } [ النمل : 18 ] وفي المخلوقات أن تسبِّح بحمده . قوله تعالى : { وأُزلِفَتِ الجَنَّة للمُتَّقين } اي : قُرِّبت للمُتَّقين [ الشركَ ] { غيرَ بَعيدٍ } أي : جُعلتْ عن يمين العرش حيث يراها أهلُ الموقف ، ويقال لهم : { هذا } الذي ترونه { ما تُوعَدونَ } وقرأ عثمان بن عفان ، وابن عمر ، ومجاهد ، وعكرمة ، وابن محيصن : « يُوعَدونَ » بالياء { لكُلِّ أوَّاب } وفيه أقوال قد ذكرناها في [ بني إسرائيل : 25 ] وفي { حفيظٍ } قولان . أحدهما : الحافظ لذنوبه حتى يرجع عنها ، قاله ابن عباس . والثاني : الحافظ لأمر الله تعالى ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { من خَشِيَ الرَّحمنَ بالغيبِ } قد بيَّنّاه في [ الأنبياء : 49 ] { وجاء بقلبٍ مُنيبٍ } أي : راجع إلى طاعة الله عن معصيته . { أُدخلوها } أي : يقال لهم : أُدخلوا الجنة { بسلام } وذلك أنهم سَلِموا من عذاب الله ، وسلموا فيها من الغُموم والتغيُّر والزَّوال ، وسلَّم اللهُ وملائكتُه عليهم { ذلك يومُ الخُلود } في الجنة ، لأنه لا موت فيها ولا زوال . { لهم ما يشاؤون فيها } وذلك أنهم يَسألون الله حتى تنتهي مسائلُهم ، فيُعْطَوْن ما شاؤوا ، ثم يَزيدُهم ما لم يَسألوا ، فذلك قوله : { ولدينا مَزيدٌ } وللمفسرين في المراد بهذا المزيد ثلاثة أقوال . أحدها : أنه النظر إلى الله عز وجل ؛ روى عليٌ رضي الله عنه عن النبي عليه السلام في قوله : « ولدينا مَزيدٌ » قال : يتجلَّى لهم . وقال أنس بن مالك : في قوله « ولدينا مزيد » يتجلَّى لهم الرب تعالى في كل جمعة . والثاني : أن السحاب يَمُرَّ بأهل الجنة ، فيمطرهم الحورَ ، فتقول الحور : نحن اللواتي قال الله عزل وجل : « ولدينا مزيد » ، حكاه الزجاج . والثالث : أن الزِّيادة على ما تمنَّوه وسألوا ممّا لم تسمع به أذن ولم يخطُر على قلب بشر ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . ثم خوَّف كفار مكة بما بعد هذا إلى قوله : { فنَقَّبوا في البلاد } قرأ الجمهور « فنَقَّبوا » بفتح النون والقاف مع تشديدها . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وابن عباس ، والحسن ، وابن السميفع ، ويحيى بن يعمر . كذلك ، إلا أنهم كسروا القاف على جهة الأمر تهدُّداً . وقرأ عمر بن الخطاب ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، وابن أبي عبلة ، وعبيد عن أبي عمر ، « فنَقَبوا » بفتح القاف وتخفيفها . قال الفراء : ومعنى « فنقَّبوا » ساروا في البلاد ، فهل كان لهم من الموت { مِن مَحيص } فأُضمرت « كان » هاهنا ، كقوله : { أهلَكْناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] أي : فلم يكن لهم ناصر . ومن قرأ « فنَقِّبوا » بكسر القاف ، فإنه كالوعيد ؛ والمعنى : اذهبوا في البلاد وجيئوا فهل من الموت مِن مَحيص ؟ ! وقال الزجاج « نَقِّبوا » : طوِّقوا وفتِّشوا ، فلم تَرَوا مَحيصاً من الموت . قال امرؤ القيس : @ لقَدْ نَقَّبْتُ في الآفاقِ حتَّى رَضِيتُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بالإِيابِ @@ فأمّا المَحيص فهو الَمعْدلِ ؛ وقد استوفينا شرحه في [ سورة النساء : 121 ] . قوله تعالى : { إنَّ في ذلك } يعني الذي ذكره من إهلاك القرى { لَذِكرى } أي : تذكرة وعِظَة { لِمَن كان له قلبٌ } قال ابن عباس : أي : عقل . قال الفراء : وهذا جائز في اللغة أن تقول : ما لَكَ قلب ، وما معك قَلبُك ، تريد العقل . وقال ابن قتيبة : لما كان القلب موضعاً للعقل كنى به [ عنه ] . وقال الزجاج : المعنى : لمن صرف قلبه إلى التفهُّم ، { أو ألقى السَّمْع } أي : استَمَع مِنِّي { وهو شهيدٌ } أي : وقَلْبُه فيما يسمع . وقال الفراء : وهو شهيد أي : شاهد ليس بغائب . قوله تعالى : { ولقد خَلَقْنا السموات والأرض } ذكر المفسرون أن اليهود قالت : خَلَقَ اللهُ السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، آخرها يوم الجمعة ، واستراح يوم السبت ، فلذلك لا نعمل فيه شيئا ، فنزلت هذه الآيات ، فأكذبهم اللهُ عز وجل بقوله : { وما مَسَّنا مِن لغوبٍ } قال الزجاج : واللُّغوب التَّعب والإعياء . قوله تعالى : { فاصْبِر على ما يقولون } أي : من بَهتهم وكذبهم . قال المفسرون : ونسخ معنى قوله : « فاصْبِر » بآية السيف { وسَبِّح بحمد ربِّك } أي : صَلِّ بالثَّناء على ربِّك والتنزيه [ له ] ممَّا يقول المُبْطِلون { قَبْلَ طُلوع الشمس } وهي صلاة الفجر . { وقَبْلَ الغُروب } فيها قولان . أحدهما : صلاة الظهر والعصر ، قاله ابن عباس . والثاني : صلاة العصر ، قاله قتادة . وروى البخاري ومسلم في « الصحيحين » من حديث جرير بن عبد الله ، قال : " كُنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر ، فقال : إنَّكم سَترُونَ ربَّكم عِيانا كما ترون هذا القمر ، لا تُضَامُّونَ في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تُغْلَبوا على صلاةٍ قَبْلَ طُلوع الشمس وقبل الغُروب فافعلوا " . وقرأ « فسبِّح بحمد ربِّك قبل طُلوع الشمس وقبل الغروب » . قوله تعالى : { ومن الليل فسبِّحْه } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنها صلاة الليل كلِّه ، أيَّ : وقت صلّى منه ، قاله مجاهد . والثاني : صلاة العشاء ، قاله ابن زيد . والثالث : صلاة المغرب والعشاء قاله مقاتل . قوله تعالى : { وأدبارَ السُّجود } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وحمزة ، وخلف : بكسر الهمزة ؛ وقرأ الباقون بفتحها . قال الزجاج : من فتح ألف « أدبار » فهو جمع دُبُر ، ومن كسرها فهو مصدر : أدبر يُدْبِر إدباراً . وللمفسرين في هذا التسبيح ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الرَّكعتان بعد صلاة المغرب ، روي عن عمر ، وعليّ ، والحسن بن علي ، رضي الله عنهم ، وأبي هريرة ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي ، وقتادة ، في آخرين ، وهو رواية العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنه النوافل بعد المفروضات قاله ابن زيد . والثالث : أنه التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات ، رواه مجاهد عن ابن عباس . وروي عن أبي الأحوص أنه قال في جميع التسبيح المذكور في هاتين الآيتين كذلك .