Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 23-32)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { كذَّبَتْ ثمودُ بالنُّذُر } فيه قولان . أحدهما : أنه جمع نذير . وقد بيَّنّا أن من كذَّب نبيّاً واحداً فقد كذَّب الكُلَّ . والثاني : أن النُّذُر بمعنى الإنذار كما بيَّنّا في قوله : « فكيف كان عذابي ونُذُرِ » ؛ فكأنهم كذَّبوا الإنذار الذي جاءهم به صالح ، { قالوا أبَشَراً مِنّا } قال الزجاج : هو منصوب بفعل مُضْمَر والذي ظهر تفسيره ، المعنى : أنتبع بَشَراً مِنّا { واحداً } ، قال المفسرون : قالوا : هو آدميّ مِثْلَنا ، وهو واحد فلا نكون له تَبَعاً { إنّا إذاً } إن فعلنا ذلك { لَفي ضلالٍ } أي : خطأٍ وذهاب عن الصواب { وسُعُرٍ } قال ابن عباس : أي : جنون . قال ابن قتيبة : هو من : تَسَعَّرتِ النّارُ : إذا التَهبتْ ، يقال : ناقةٌ مَسْعُورةٌ ، أي : كأنها مجنونة من النشاط . وقال غيره : لَفي شقاءٍ وعَناءٍ لأجل ما يلزمنا من طاعته . ثم أنْكَروا أن يكون الوحي يأتيه فقالوا : { أَأُلْقِي الذِّكْرُ ؟ } أي : أَنَزَل الوحيُ { عليه مِنْ بينِنا } أي : كيف خُصَّ من بيننا بالنُّبوَّة والوحي ؟ ! { بل هو كذّابٌ أشِرٌ } وفيه قولان . أحدهما : أنه المَرِح المتكبِّر ، قاله ابن قتيبة . والثاني : البَطِر ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { سيَعْلَمونَ غداً } قرأ ابن عامر وحمزة : « ستَعلمون » بالتاء « غداً » فيه قولان . أحدهما : يوم القيامة ، قاله ابن السائب . والثاني : عند نزول العذاب بهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { إنا مُرْسِلوا النّاقةِ } وذلك أنهم سألوا صالحاً أن يُظْهِر لهم ناقةً من صخرة ، فقال الله تعالى : « إنّا مُرْسِلوا النّاقةِ » أي : مُخرجوها كما أرادوا { فِتنةً لهم } أي : مِحنةً واختباراً { فارتَقِبْهم } أي : فانتظر ما هم صانعون { واصْطَبِر } على ما يُصيبُك من الأذى ، { ونَبِّئْهم أنَّ الماءَ قسمةٌ بينهم } أي : بين ثمود وبين الناقة ، يوم لها ويوم لهم ، فذلك قوله : { كُلُّ شِرْبٍ مُحتضَرٌ } يحضُرُهُ صاحبُه ويستحقُّه . قوله تعالى : { فنادَوا صاحبَهم } واسمه قُدار بن سالف { فتعاطى } قال ابن قتيبة : تعاطى عَقْر الناقة { فعَقَر } أي : قتل ؛ وقد بيَّنا هذا في [ الأعراف : 77 ] . قوله تعالى : { إنا أرسلنا عليهم صَيْحةً واحدةً } وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم ؛ وقد أشرنا إلى قصتهم في [ هود : 61 ] { فكانوا كهَشِيم المُحتظِر } قال ابن عباس : هو الرجُل يجعل لغنمه حظيرة بالشَّجر والشوك دون السِّباع ، فما سقط من ذلك وداسته الغنمُ ، فهو الهَشيم . وقد بيَّنا معنى « الهشيم » في [ الكهف : 45 ] . وقال الزجَّاج : الهَشيم : ما يَبِس من الورق وتكسَّر وتحطَّم ، والمعنى : كانوا كالهَشِيم الذي يجمعه صاحبُ الحظيرة بعد أن بلغ الغاية في الجفاف ، فهو يُجمع لِيوقد . وقرأ الحسن : « المُحتظَرِ » بفتح الظاء ، وهو اسم الحظيرة ؛ والمعنى : كهشيم المكان الذي يُحتظَر فيه الهشيم من الحطب . وقال سعيد بن جبير : هو التراب الي يتناثر من الحيطان . وقال قتادة : كالعظام النَّخِرة المحترقة . والمراد من جميع ذلك : أنهم بادوا وهلكوا حتى صاروا كالشيء المتحطِّم .