Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 75-82)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فلا أقسم } في « لا » قولان . أحدهما : أنها دخلت توكيداً . والمعنى : فأقسم ، ومثله { لئلا يعلم أهل الكتاب } [ الحشر : 29 ] قال الزجاج : وهو مذهب سعيد بن جبير . والثاني : أنها على أصلها . ثم في معناها قولان . أحدهما : أنها ترجع إلى ما تقدم ، ومعناها : النهي ، تقدير الكلام : فلا تكذبوا ، ولا تجحدوا ما ذكرته من النعم والحجج ، قاله الماوردي . والثاني : أنَّ « لا » ردّ لما يقوله الكفار في القرآن : إنه سحر ، وشعر ، وكهانة . ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم ، قاله علي بن أحمد النيسابوري . وقرأ الحسن : فلأقسم بغير ألف بين اللام والهمزة . قوله تعالى : { بمواقع } وقرأ حمزة ، والكسائي : « بموقع » على التوحيد . قال أبو علي : مواقعها : مساقطها . ومَنْ أَفْرَدَ ، فلأنه اسم جنس . ومَنْ جَمَعَ ، فلاختلاف ذلك . وفي « النجوم » قولان . أحدهما : نجوم السماء ، قاله الأكثرون . فعلى هذا في مواقعها ثلاثة أقوال . أحدها : انكدارها وانتثارها يوم القيامة ، قاله الحسن . والثاني : منازلها ، قاله عطاء ، وقتادة . والثالث : مغيبها في المغرب ، قاله أبو عبيدة . والثاني : أنها نجوم القرآن ، رواه ابن جبير عن ابن عباس . فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة ، ومواقعها : نزولها { وإنه لَقَسَمٌ } الهاء كناية عن القسم . وفي الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عِظَمَهُ . ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى : { إِنه لقرآن كريم } والكريم : اسم جامع لما يحمد ، وذلك أن فيه البيان ، والهدى ، والحكمة ، وهو مُعَظَّم عند الله عز وجل . قوله تعالى : { في كتاب } فيه قولان . أحدهما : أنه اللوح المحفوظ ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه المصحف الذي بأيدينا ، قاله مجاهد ، وقتادة . وفي « المكنون » قولان . أحدهما : مستور عن الخلق ، قاله مقاتل ، وهذا على القول الأول . والثاني : مصون ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { لا يمسه إلا المطهرون } من قال : إنَّه اللوح المحفوظ . فالمطهرون عنده : الملائكة ، وهذا قول ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير . فعلى هذا يكون الكلام خبراً . ومن قال : هو المصحف ، ففي المطهرين أربعة أقوال . أحدها : أنهم المطهرون من الأحداث ، قاله الجمهور . فيكون ظاهر الكلام النفي ، ومعناه النهي . والثاني : المطهرون من الشرك ، قاله ابن السائب . والثالث : المطهرون من الذنوب والخطايا ، قاله الربيع بن أنس . والرابع : أن معنى الكلام : لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به ، حكاه الفراء . قوله تعالى : { تنزيل } أي : هو تنزيل . والمعنى : هو منزل ، فسمي المنزل تنزيلاً في اتساع اللغة ، كما تقول للمقدور : قدر ، وللمخلوق : خلق . قوله تعالى : { أفبهذا الحديث } يعني : القرآن { أنتم مدهنون } فيه قولان . أحدهما : مكذّبون ، قاله ابن عباس ، والضحاك ، والفراء . والثاني : ممالئون الكفار على الكفر به ، قاله مجاهد . قال أبو عبيدة : المدهن ، المداهن ، وكذلك قال ابن قتيبة : « مدهنون » أي : مداهنون . يقال : أدهن في دينه ، وداهن { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } روى مسلم في « صحيحه » من حديث ابن عباس قال : مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أصبح من الناس شاكر ، ومنهم كافر " قالوا : هذه رحمة وضعها الله حيث شاء . وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا ، وكذا ، فنزلت هذه الآية « فلا أقسم بمواقع النجوم » حتى بلغ « أنكم تكذبون » . وروى البخاري ومسلم في « الصحيحين » من حديث زيد بن خالد الجهني ، قال " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بالحديبية على إثْرِ سماءٍ كانت من الليل . فلما انصرف أقبل على الناس ، فقال : « هل تدرون ماذا قال ربكم » ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : « قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر . فأما المؤمن فقال : مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي ، كافر بالكواكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكواكب » " . وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال . أحدها : أن الرزق هاهنا بمعنى الشكر . روت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { وتجعلون رزقكم } قال : « شكركم » ، وهذا قول علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وكان علي يقرأ « وتجعلون شكركم » . والثاني : أن المعنى : وتجعلون شكر رزقكم تكذيبكم ، قاله الأكثرون . وذلك أنهم كانوا يمطرون ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا . والثالث : أن الرزق بمعنى الحظ ، فالمعنى : وتجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون ، ذكره الثعلبي . وقرأ أبي بن كعب ، والمفضل عن عاصم « تَكْذِبون » بفتح التاء ، وإسكان الكاف ، مخفَّفة الذال .