Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 26-27)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب } يعني : الكتب { فمنهم } يعني : من الذرية { مهتدٍ وكثير منهم فاسقون } فيه قولان . أحدهما : كافرون ، قاله ابن عباس . والثاني : عاصون ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { ثم قَفَّينا على آثارهم } أي : أَتْبَعْنا على آثار نوح ، وإبراهيم ، وذريتهما { بعيسى } وكان آخر أنبياء بني إِسرائيل ، { وجعلنا في قلوب الذين اتَّبعوه } يعني : الحواريين وغيرهم من أتباعه على دينه { رأفةً } وقد سبق بيانها [ النور : 2 ] متوادّين ، كما وصف الله تعالى أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام ، فقال تعالى : { رحماء بينهم } [ الفتح : 29 ] . قوله تعالى : { ورهبانية ابتدعوها } ليس هذا معطوفاً على ما قبله ، وإنما انتصب بفعل مضمر ، يدل عليه ما بعده ، تقديره : وابتدعوا رهبانيةً ابتدعوها ، أي : جاؤوا بها من قِبل أنفسهم ، وهي غلوُّهم في العبادة ، وحمل المشاق على أنفسهم في الامتناعِ عن المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبُّد في الجبال { ما كتبناها عليهم } أي : ما فرضناها عليهم . وفي قوله تعالى : { إلا ابتغاء رضوان الله } قولان . أحدهما : أنه يرجع إلى قوله تعالى : « ابتدعوها » ، وتقديره : ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ، ذكره علي بن عيسى ، والرماني عن قتادة ، وزيد بن أسلم . والثاني : أنه راجع إلى قوله تعالى : « ما كتبناها » ثم في معنى الكلام قولان . أحدهما : ما كتبناها عليهم بعد دخولهم فيها تطوعاً إلا ابتغاء رضوان الله . قال الحسن : تطوَّعوا بابتداعها ثم كتبها الله عليهم . وقال الزجاج : لما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع لزمهم إِتمامه ، كما أن الإنسان إِذا جعل على نفسه صوماً لم يفترض عليه ، لزمه أن يتمَّه . قال القاضي أبو يعلى : والابتداع قد يكون بالقول ، وهو ما ينذره ويوجبه على نفسه ، وقد يكون بالفعل بالدخول فيه . وعموم الآية تتضمن الأمرين ، فاقتضى ذلك أن كل من ابتدع قربة ، قولاً ، أو فعلاً ، فعليه رعايتها وإِتمامها . والثاني : أن المعنى : ما أمرناهم منها إِلا بما يرضي الله عز وجل ، لا غير ذلك ، قاله ابن قتيبة . قوله تعالى : { فما رَعَوْها حق رعايتها } في المشار إليهم قولان . أحدهما : أنهم الذين ابتدعوا الرهبانية ، قاله الجمهور . ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم ما رَعَوْها لتبديل دينهم وتغييرهم له ، قاله عطية العوفي . والثاني : لتقصيرهم فيما ألزموه أنفسهم . والثالث : لكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لما بُعث ، ذكر القولين الزجاج . والثاني : أنهم الذين اتبعوا مبتدعي الرهبانية في رهبانيتهم ، ما رَعوها بسلوك طريق أوليهم ، روى هذا المعنى سعيد بن جبير عن ابن عباس . قوله تعالى : { فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم } فيهم ثلاثة أقوال . أحدها : الذين آمنوا بمحمد { وكثير منهم فاسقون } وهم الذين لم يؤمنوا به . والثاني : أن الذين آمنوا : المؤمنون بعيسى ، والفاسقون : المشركون . والثالث : أن الذين آمنوا : مبتدعو الرهبانية ، والفاسقون : متبعوهم على غير القانون الصحيح .