Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 14-19)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ألم ترى إلى الذين تولَّوا قوماً غضب الله عليهم } نزلت في المنافقين الذين تولَّوا اليهود ، ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين . وقال السدي ، ومقاتل : نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق ، وذلك أنه كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويرفع حديثه إلى اليهود ، فدخل عليه يوماً ، وكان أزرق ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فحلف بالله ما فعل ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « فعلت » فانطلق فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما سبّوه ، فأنزل الله هذه الآيات . وروى الحاكم أبو عبد الله في « صحيحه » من حديث ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ظل حُجرة من حجره ، وعنده نفر من المسلمين ، فقال : إنه سيأتيكم إِنسان ينظر إِليكم بعيني شيطان ، فإذا أتاكم فلا تُكلِّموه ، فجاء رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : علام تشتمني أنت وفلان وفلان ؟ فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا بالله واعتذروا إليه ، فأنزل الله تعالى : { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون … } الآية . فأما التفسير ، فالذين تولَّوا : هم المنافقون ، والمغضوب عليهم : هم اليهود { ما هم منكم } يعني : المنافقين ليسوا من المسلمين ، ولا من اليهود { ويحلفون على الكذب } وهو ما ذكرنا في سبب نزولها وقال بعضهم حلفوا أنهم ما سبُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تولَّوْا اليهود { وهم يعلمون } أنهم كَذَبة { اتخذوا أَيْمانهم جُنَّةً } أي : سترة يَتَّقُون بها القتل . قال ابن قتيبة : المعنى : استتروا بالحلف فكلما ظهر لهم شيء يوجب معاقبتهم حلفوا كاذبين ، { فصدُّوا عن سبيل الله } فيه قولان . أحدهما : صَدُّوا النَّاس عن دين الإسلام قاله السدي . والثاني : صَدُّوا عن جهادهم بالقتل وأخذ مالهم . قوله تعالى : { فيحلفون له } قال مقاتل ، وقتادة : يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين ، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا { ويحسبون أنهم على شيءٍ } من أَيمانهم الكاذبة { ألا إنهم هم الكاذبون } في قولهم وأَيمانهم . قوله تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان } قال أبو عبيدة : غلب عليهم ، وحاذهم ، وقد بينا هذا في سورة [ النساء ] عند قوله تعالى : { نستحوذ عليكم } [ آية : 141 ] وما بعد هذا ظاهر إلى قوله تعالى : { أولئك في الأَذَلِّين } أي : في المغلوبين ، فلهم في الدنيا ذُلُّ ، وفي الآخرة خِزْيٌ .