Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 189-190)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة } يعني بالنفس : آدم ، وبزوجها : حواء . ومعنى : { ليسكن إليها } ليأنس بها ويأوي إليها . { فلما تغشَّاها } أي : جامعها . قال الزجاج : وهذا أحسن كناية عن الجماع . والحمل ، بفتح الحاء : ما كان في بطن ، أو أخرجتْه شجرة . والحمل ، بكسر الحاء : ما يُحمل . والمراد بالحمل الخفيف : الماء . قوله تعالى : { فمرَّتْ به } أي : استمرَّت به ، قعدت وقامت ولم يُثقلها . وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، وابن عباس ، والضحاك : « فاستمرت به » . وقرأ أُبَيُّ بن كعب ، والجوني : « استمارَّت به » بزيادة ألف . وقرأ عبد الله ابن عمرو ، والجحدري : « فمارَّت به » بألف وتشديد الراء . وقرأ أبو العالية ، وأيوب ، ويحيى بن يعمر : « فَمَرَتْ به » خفيفة الراء ، أي : شكّت وتمارت أحملت ، أم لا ؟ { فلما أثقلت } أي : صار حملها ثقيلاً . وقال الأخفش : صارت ذا ثقل . يقال : أثمرنا ، أي : صرنا ذوي ثمر . قوله تعالى : { دعَوا الله ربهما } يعني آدم وحواء { لئن آتيتنا صالحاً } وفي المراد بالصالح قولان . أحدهما : أنه الإنسان المشابه لهما ، وخافا أن يكون بهيمة ، هذا قول الأكثرين . والثاني : أنه الغلام ، قاله الحسن ، وقتادة . شرح السبب في دعائهما ذكر أهل التفسير أن إبليس جاء حواء ، فقال : ما يدريك ما في بطنكِ ، لعله كلب أو خنزير أو حمار ؛ وما يدريك من أين يخرج ، أيشق بطنك أم يخرج من فيك ، أو من منخريك ؟ فأحزنها ذلك ، فدعوا الله حينئذ ، فجاء إبليس : فقال : كيف تجدينك ؟ قالت : ما أستطيع القيام إذا قعدت ، قال : أفرأيت إن دعوت الله ، فجعله إنساناً مثلك ، ومثل آدم ، أتسمينه باسمي ؟ قالت : نعم . فلما ولدته سويَّاً ، جاءها إبليس فقال : لم لا تُسمِّينه بي كما وعدتني ؟ فقالت : وما اسمك ؟ قال : الحارث ، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث ، فسمته : عبد الحارث ، وقيل : عبد شمس برضى آدم ، فذلك قوله : { فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء } قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : « شركاء » بضم الشين والمدّ ، جمع شريك . وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم : « شِركاً » مكسورة الشين على المصدر ، لا على الجمع . قال أبو علي : من قرأ « شِرْكاً » حذف المضاف ، كأنه أراد : جعلا له ذا شِرك ، وذوي شريك ؛ فيكون المعنى : جعلا لغيره شِركاً ، لأنه إذا كان التقدير : جَعلا له ذوي شرك ، فالمعنى : جعلا لغيره شركاً ، وهذه القراءة في المعنى كقراءة من قرأ « شركاء » . وقال غيره : معنى « شركاء » شريكاً ، فأوقع الجمع موقع الواحد كقوله : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } [ آل عمران : 173 ] والمراد بالشريك : إبليس ، لأنهما أطاعاه في الاسم ، فكان الشرك في الطاعة ، لا في العبادة ؛ ولم . يقصدا أن الحارثَ ربُّهما ، لكن قصدا أنه سبب نجاة ولدهما ؛ وقد يُطلَق العبد على من ليس بمملوك . قال الشاعر : @ وإني لَعبدُ الضَّيف ما دَامَ ثَاوياً وما فيَّ إلا تِلْكَ مَنْ شِيْمَةِ العَبْدِ @@ وقال مجاهد : كان لا يعيش لآدم ولد ، فقال الشيطان : إذا وُلد لكما ولد فسمياه عبد الحارث ، فأطاعاه في الاسم ، فذلك قوله : { جعلا له شركاء فيما آتاهما } هذا قول الجمهور ، وفيه قول ثان ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما أشرك آدم ، إن أول الآية لَشكر ، وآخرها مَثَل ضربه الله لمن يعبده في قوله : { جعلا له شركاء فيما آتاهما } . وروى قتادة عن الحسن قال : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولاداً فهوَّدوهم ونصَّروهم . وروي عن الحسن ، وقتادة قالا : الضمير في قوله : { جعلا له شركاء } عائد إلى النفس وزوجه من ولد آدم ، لا إلى آدم وحواء . وقيل : الضمير راجع إلى الولد الصالح ، وهو السليم الخلْق ، فالمعنى : جعل له ذلك الولدُ شركاء . وإنما قيل : { جعلا } لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكراً وأُنثى . قال ابن الأنباري : الذين جعلوا له شركاء اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين هم أولاد آدم وحواء . فتأويل الآية : فلما آتاهما صالحاً جعل أولادُهُما له شركاء ، فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم كما قال : { وسأل القرية } [ يوسف : 82 ] . وذهب السدي إلى أن قوله : { فتعالى الله عما يشركون } في مشركي العرب خاصة ، وأنها مفصولة عن قصة آدم وحواء .