Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 65-66)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لئن سألتهم } في سبب نزولها ستة أقوال . أحدها : " أن جَدَّ بنَ قيس ، ووديعة بن خذام ، والجُهَير بن خُمَير ، كانوا يسيرون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك ، فجعل رجلان منهم يستهزآن برسول الله صلى الله عليه وسلم " والثالث يضحك مما يقولان ولا يتكلم بشيء ، فنزل جبريل فأخبره بما يستهزؤون به ويضحكون ؛ فقال لعمار بن ياسر : " اذهب فسلهم عما كانوا يضحكون منه ، وقل لهم : أحرقكم الله " فلما سألهم ، وقال : أحرقكم الله ؛ علموا أنه قد نزل فيهم قرآن ، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الجُهَير : والله ما تكلَّمت بشيء ، وإنما ضحكت تعجباً من قولهم ، فنزل قوله : { لا تعتذروا } يعني جَدَّ بن قيس ، ووديعة { إن يُعْفَ عن طائفة منكم } يعني : الجهير { نعَذِّبْ طائفة } يعني : الجَدَّ ووديعة ، هذا قول أبي صالح عن ابن عباس . والثاني : أن رجلاً من المنافقين قال : ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ، ولا أرغبَ بطوناً ، ولا أكذبَ ، ولا أجبنَ عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال له عوف بن مالك : كذبت ، لكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب ليخبره ، فوجد القرآن قد سبقه ؛ فجاء ذلك الرجل فقال : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، هذا قول ابن عمر ، وزيد بن أسلم ، والقرظي . والثالث : أن قوماً من المنافقين كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إن كان ما يقول هذا حقاً ، لنحن شرٌّ من الحمير ، فأعلم الله نبيه ما قالوا ، ونزلت : { ولئن سألتهم } قاله سعيد بن جبير . والرابع : أن رجلاً من المنافقين قال : يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا ، وما يُدريه ما الغيب ؟ فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد . والخامس : " أن ناساً من المنافقين قالوا : يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها ، هيهات ؛ فأطلع الله نبيه على ذلك ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : احبسوا علي الرَّكب فأتاهم ، فقال : « قلتم كذا وكذا » فقالوا : إنما كنا نخوض ونلعب " ؛ فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة . والسادس : أن عبد الله بن أُبيٍّ ، ورهطاً معه ، كانوا يقولون في رسول الله وأصحابه مالا ينبغي ، فاذا بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : إنما كنا نخوض ونلعب ، فقال الله تعالى : { قل } لهم { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } ، قاله الضحاك . فقوله : { ولئن سألتهم } أي : عما كانوا فيه من الاستهزاء { ليقولُنّ إنما كنا نخوض ونلعب } أي : نلهو بالحديث . وقوله : { قد كفرتم } أي : قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان ؛ وهذا يدل على أن الجِدَّ واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء . قوله تعالى : { إن يُعْفَ عن طائفة منكم } قرأ الأكثرون « إن يُعْفَ » بالياء ، « تُعَذَّبْ » بالتاء . وقرأ عاصم غير أبان « إن نَعْفُ » « نُعَذِّبْ » بالنون فيهما ونصب « طائفةً » ، والمعنى : إن نعف عن طائفة منكم بالتوفيق للتوبة ، نعذِّب طائفةً بترك التوبة . وقيل : الطائفتان هاهنا ثلاثة ، فاستهزأ اثنان ، وضحك واحد . ثم أنكر عليهم بعض ما سمع . وقد ذكرنا عن ابن عباس أسماء الثلاثة ، وأن الضاحك اسمه الجُهَيْر ، وقال غيره : هو مَخْشِيُّ بن خُمَيْر . وقال ابن عباس ، ومجاهد : الطائفة : الواحد فما فوقه . وقال الزجاج : أصل الطائفة في اللغة : الجماعة ؛ ويجوز أن يقال للواحد : طائفة ، يراد به : نفس طائفة . قال ابن الأنباري : إذا أريد بالطائفة الواحد ، كان أصلها طائفاً ، على مثال : قائم وقاعد ، فتدخل الهاء للمبالغة في الوصف ، كما يقال : رواية ، علاّمة ، نسّابة . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما فُرغ من تنزيل ( براءة ) حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا سينزل فيه شيء .