Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 62-67)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بألسنتهم من غير مواطأة القلوب وهم المنافقون . { وَٱلَّذِينَ هَادُواْ } تهودوا يقال هاد يهود وتهود إذا دخل في اليهودية وهو هائد والجمع هود . { وَٱلنَّصَـٰرَىٰ } جـمع نصران كندمان وندامى يقال رجل نصران وامرأة نصرانة . والياء في نصراني للمبالغة كالتي في « أحمري » سموا نصارى لأنهم نصروا المسيح . { وَٱلصَّـٰبِئِينَ } الخارجين من دين مشهور إلى غيره من صبأ إذا خرج من الدين ، وهم قوم عدلوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة . وقيل : هم يقرؤون الزبور . { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } من هؤلاء الكفرة إيماناً خالصاً { وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ } ثوابهم { عِندَ رَبِّهِمْ } في الآخرة { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ومحل « من آمن » الرفع إن جعلته مبتدأ خبره فلهم أجرهم ، والنصب إن جعلته بدلاً من اسم إن والمعطوف عليه . فخبر إن في الوجه الأول الجملة كما هي ، وفي الثاني « فلهم » والفاء لتضمن « من » معنى الشرط . { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَكُمْ } بقبول ما في التوراة . { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } أي الجبل حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق . وذلك أن موسى عليه السلام جاءهم بالألواح فرأوا ما فيها من الآصار والتكاليف الشاقة فكبرت عليهم وأبوا قبولها ، فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام فقلع الطور من أصله ورفعه فظلله فوقهم وقال لهم موسى : إن قبلتم وإلا ألقي عليكم حتى قبلوا وقلنا لكم . { خُذُواْ مَا ءَاتَيْنَـٰكُم } من الكتاب أي التوراة { بِقُوَّةٍ } بجدٍ وعزيمة { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } رجاء منكم أن تكونوا متقين . { ثمّ تولّيتم } ثم أعرضتم عن الميثاق والوفاء به . { مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } من بعد القبول { فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } بتأخير العذاب عنكم أو بتوفيقكم للتوبة . { لَكُنتُم مّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } الهالكين في العذاب . { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ } عرفتم فيتعدى إلى مفعول واحد { ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ } هو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت . وقد اعتدوا فيه أي جاوزوا ما حد لهم فيه من التجـرد للعبادة وتعظيمه واشتغلوا بالصيد . وذلك أن الله تعالى نهاهم أن يصيدوا في السبت ثم ابتلاهم فما كان يبقى حوت في البحر إلا أخرج خرطومه يوم السبت ، فإذا مضى تفرقت فحفروا حياضاً عند البحر وشرعوا إليها الجداول ، فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت لأمنها من الصيد فكانوا يسدون مشارعها من البحر فيصطادونها يوم الأحد ، فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم . { فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ } بتكويننا إياكم { قِرَدَةً خَـٰسِئِينَ } خبر كان أي كونوا جامعين بين القردية والخسوء وهو الصغاروالطرد . يعني المسخة { نَكَـٰلاً } عبرة تنكل من اعتبر بها أن تمنعه . { لّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا } لما قبلها . { وَمَا خَلْفَهَا } وما بعدها من الأمم والقرون لأن مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين . { وَمَوْعِظَةً لّلْمُتَّقِينَ } الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحي قومهم أو لكل متقٍ سمعها . { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } أي واذكروا إذ قال موسى ، وهو معطوف على نعمتي في قوله { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [ البقرة : 40 ] كأنه قال : اذكروا ذاك واذكروا إذ قال موسى . وكذلك هذا في الظروف التي مضت أي اذكروا نعمتي ، واذكروا وقت إنجائنا إياكم ، واذكروا وقت فرقنا ، واذكروا نعمتي ، واذكروا وقت استسقاء موسى ربه لقومه . والظروف التي تأتي إلى قوله { وَإِذَا ٱبْتَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ رَبُّهُ } [ البقرة : 124 ] . { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن } أي بأن { تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } قال المفسرون : أول القصة مؤخر في التلاوة وهو قوله تعالى « وإذا قتلتم نفساً فادارأتم فيها » . وذلك أن رجلاً موسراً اسمه « عاميل » قتله بنو عمه ليرثوه وطرحوه على باب مدينة ثم جاؤوا يطالبون بديته فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبرهم بقاتله . { قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا } أتجعلنا مكان هزء أو أهل هزء أو الهزء نفسه لفرط الاستهزاء . « هزأً » بسكون الزاي والهمزة : حمزة ، وبضمتين والواو : حفص . غيرهما بالتثقيل والهمزة . { قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ } العياذ واللياذ من وادٍ واحد . { أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ } لأن الهزء في مثل هذا من باب الجهل والسفه ، وفيه تعريض بهم أي أنتم جاهلون حيث نسبتموني إلى الاستهزاء .