Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 154-158)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَـٰقِهِمْ } بسبب ميثاقهم ليخافوا فلا ينقضوه { وَقُلْنَا لَهُمُ } والطور مطل عليهم { ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } أي ادخلوا باب إيلياء مطأطئين عند الدخول رؤوسكم { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ } لا تجاوزوا الحد « تَعدّوُا » : ورش « تعدوا » بإسكان العين وتشديد الدال : مدني غير ورش وهما مدغماً « تعتدوا » وهي قراءة أبي إلا أنه أدغم التاء في الدال وأبقى العين ساكنة في رواية ، وفي رواية نقل فتح التاء إلى العين { فِى ٱلسَّبْتِ } بأخذ السمك { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مّيثَـٰقاً غَلِيظاً } عهداً مؤكداً . { فَبِمَا نَقْضِهِم } أي فبنقضهم و « ما » مزيدة للتوكيد والباء يتعلق بقوله « حرمنا عليهم طيبات » تقديره حرمنا عليهم طيبات بنقضهم ميثاقهم ، وقوله « فبظلم من الذين هادوا » بدل من قوله « فبما نقضهم » { مِيثَـٰقَهُمْ } ومعنى التوكيد تحقيق أن تحريم الطيبات لم يكن إلا بنقض العهد وما عطف عليه من الكفر وقتل الأنبياء وغير ذلك { وَكُفْرِهِم بَـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } أي معجزات موسى عليه السلام { وَقَتْلِهِمُ ٱلأنْبِيَاء } كزكريا ويحيـى وغيرهما { بِغَيْرِ حَقٍّ } بغير سبب يستحقون به القتل { وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } جمع أغلف أي محجوبة لا يتوصل إليها شيء من الذكر والوعظ { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } هو رد وإنكار لقولهم « قلوبنا غلف » { فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } كعبد الله بن سلام وأصحابه { وَبِكُفْرِهِمْ } معطوف على « فبما نقضهم » أو على ما يليه من قوله : « بكفرهم » . ولما تكرر منهم الكفر لأنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم عطف بعض كفرهم على بعض : { وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَـٰناً عَظِيماً } هو النسبة إلى الزنا { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ } سمي مسيحاً لأن جبريل عليه السلام مسحه بالبركة فهو ممسوح ، أو لأنه كان يمسح المريض والأكمة والأبرص فيبرأ فسمي مسيحاً بمعنى الماسح { عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ } هم لم يعتقدوه رسول الله لكنهم قالوا استهزاء كقول الكفار لرسولنا { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] ويحتمل أن الله وصفه بالرسول وإن لم يقولوا ذلك . { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبّهَ لَهُمْ } روي أن رهطاً من اليهود سبوه وسبوا أمه فدعا عليهم : اللهم أنت ربي وبكلمتك خلقتني ، اللهم العن من سبني وسب والدتي ، فمسخ الله من سبهما قردة وخنازير . فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود ، فقال لأصحابه : أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا ، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب . وقيل : كان رجل ينافق عيسى فلما أرادوا قتله قال : أنا أدلكم عليه فدخل بيت عيسى ورفع عيسى وألقى الله شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى . وجاز هذا على قوم متعنتين حكم الله بأنهم لا يؤمنون ، « وشبه » مسند إلى الجار والمجرور وهو « لهم » كقولك « خيل إليه » كأنه قيل : ولكن وقع لهم التشبيه . أو مسند إلى ضمير المقتول لدلالة « إنا قتلنا » عليه كأنه قيل : ولكن شبه لهم من قتلوه { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } في عيسى يعني اليهود قالوا : إن الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا ، أو اختلف النصارى قالوا : إله وابن إله وثالث ثلاثة { لَفِى شَكّ مّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنّ } استثناء منقطع لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم يعني ولكنهم يتبعون الظن . وإنما وصفوا بالشك وهو أن لا يترجح أحد الجانبين ، ثم وصفوا بالظن وهو أن يترجح أحدهما ، لأن المراد أنهم شاكون مالهم به من علم ولكن إن لاحت لهم أمارة فظنوا فذاك . وقيل : وإن الذين اختلفوا فيه أي في قتله لفي شك منه أي من قتله لأنهم كانوا يقولون إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا ، وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى ! { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } أي قتلاً يقيناً ، أو ما قتلوه متيقنين ، أو ما قتلوه حقاً فيجعل « يقيناً » تأكيداً لقوله « وما قتلوه » أي حق انتفاء قتله حقاً { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } إلى حيث لا حكم فيه لغير الله أو إلى السماء { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً } في انتقامه من اليهود { حَكِيماً } فيما دبر من رفعه إليه .