Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 130-139)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ أَخَذْنَا ءالَ فِرْعَوْنَ بِٱلسّنِينَ } سني القحط وهن سبع سنين ، والسنة من الأسماء الغالبة كالدابة والنجم { وَنَقْصٍ مّن ٱلثَّمَرَاتِ } قيل : السنون لأهل البوادي ونقص الثمرات للأمصار { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } ليتعظوا فينتبهوا على أن ذلك لإصرارهم على الكفر ، ولأن الناس في حال الشدة أضرع حدوداً وأرق أفئدة . وقيل : عاش فرعون أربعمائة سنة لم ير مكروهاً في ثلثمائة وعشرين سنة ، ولو أصابه في تلك المدة وجع أو جوع أو حمى لما ادعى الربوبية { فَإِذَا جَاءتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ } الصحة والخصب { قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } أي هذه التي نستحقها { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } جدب ومرض { يَطَّيَّرُواْ } أصله « يّتطيروا » فأدغمت التاء في الطاء لأنها من طرف اللسان وأصول الثنايا { بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } تشاءموا بهم وقالوا هذه بشؤمهم ولولا مكانهم لما أصابتنا . وإنما دخل « إذا » في الحسنة وعرفت الحسنة و « إن » في السيئة ونكرت السيئة ، لأن جنس الحسنة وقوعه كالكائن لكثرته ، وأما السيئة فلا تقع إلا في الندرة ولا يقع إلا شيء منها { أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ } سبب خيرهم وشرهم { عَندَ ٱللَّهِ } في حكمه ومشيئته والله هو الذي قدر ما يصيبهم من الحسنة والسيئة { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ النساء : 78 ] { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن ءايَةٍ لّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } أصل « مهما » ما ما ، فما الأولى للجزاء ضمت إليها « ما » المزيدة المؤكدة للجزاء في قوك « متى » ما تخرج أخرج { أَيْنَمَا تَكُونُواْ } [ النساء : 78 ] { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } [ الزخرف : 41 ] إلا أن الألف قلبت هاء استثقالاً لتكرير المتجانسين وهو المذهب السديد البصري ، وهو في موضع النصب بـ { تَأْتِنَا } أي أيما شيء تحضرنا تأتنا به ، و { مّنْ ءايَةٍ } تبيين لـ { مَهْمَا } والضمير في { بِهِ } و { بِهَا } راجع إلى { مَهْمَا } إلا أن الأول ذكر على اللفظ والثاني أنث على المعنى لأنها في معنى الآية ، وإنما سموها آية اعتباراً لتسمية موسى أو قصدوا بذلك الاستهزاء { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ } ما طاف بهم وغلبهم من مطر أو سيل . قيل : طفا الماء فوق حروثهم وذلك أنهم مطروا ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يرون شمساً ولا قمراً ولا يقدر أحد أن يخرج من داره . وقيل : دخل الماء في بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ، فمن جلس غرق ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة ، أو هو الجدري أو الطاعون { وَٱلْجَرَادَ } فأكلت زروعهم وثمارهم وسقوف بيوتهم وثيابهم ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منها شيء { وَٱلْقُمَّلَ } وهي الدباء وهو أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها ، أو البراغيث ، أو كبار القردان { وَٱلضَّفَادِعَ } وكانت تقع في طعامهم وشرابهم حتى إذا تكلم الرجل تقع في فيه { وَٱلدَّمَ } أي الرعاف . وقيل : مياههم انقلبت دماً حتى إن القبطي والإسرائيلي إذا اجتمعا على إناء فيكون ما يلي القبطي دماً . وقيل : سال عليهم النيل دماً { ءايَـٰتٍ } حال من الأشياء المذكورة { مّفَصَّلاَتٍ } مبينات ظاهرات لا يشكل على عاقل أنها من آيات الله أو مفرقات بين كل آيتين شهر { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عن الإيمان بموسى { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } . { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرّجْزُ } العذاب الأخير وهو الدم ، أو العذاب المذكور واحداً بعد واحد { قَالُواْ يا مُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } « ما » مصدرية أي بعهده عندك وهو النبوة ، والباء تتعلق بـ { ٱدْعُ } أي ادع الله لنا متوسلاً إليه بعهده عندك { لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل . فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلىٰ أجلٍ } إلى حد من الزمان { هُم بَـٰلِغُوهُ } لا محالة فمعذبون فيه لا ينفعهم ما تقدم لهم من الإمهال وكشف العذاب إلى حلوله { إذا هم ينكثون } جواب { لَّمّاً } أي فلما كشفنا عنهم فاجأوا النكث ولم يؤخروه { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } هو ضد الإنعام كما أن العقاب هو ضد الثواب { فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ } هو البحر الذي لا يدرك قعره ، أو هو لجة البحر ومعظم مائه واشتقاقه من التيمم لأن المنتفعين به يقصدونه { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَـٰفِلِينَ } أي كان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات وغفلتهم عنها وقلة فكرهم فيها { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } هم بنو إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه بالقتل والاستخدام { مَشَـٰرِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا } يعني أرض مصر والشام { ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } بالخصب وسعة الأرزاق وكثرة الأنهار والأشجار { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِى إِسْرءيلَ } هو قوله : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 129 ] أو { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأَرْضِ } إلى { مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ } [ القصص : 5 ] . والحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة و « على » صلة { تَمُتْ } أي مضت عليهم واستمرت من قولك تم علي الأمر إذا مضى عليه { بِمَا صَبَرُواْ } بسبب صبرهم وحسبك به حاثاً على الصبر ودالاً على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه ، ومن قابله بالصبر ضمن الله له الفرج { وَدَمَّرْنَا } أهلكنا { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } من العمارات وبناء القصور { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } من الجنات ، أو ما كانوا يرفعون من الأبنية المشيدة في السماء كصرح هامان وغيره . وبضم الراء : شامي وأبو بكر . وهذا آخر قصة فرعون والقبط وتكذيبهم بآيات الله . ثم أتبعه قصة بني إسرائيل وما أحدثوه بعد إنقاذهم من فرعون ومعاينتهم الآيات العظام ومجاوزتهم البحر من عبادة البقر وغير ذلك ، ليتسلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما رآه من بني إسرائيل بالمدينة { وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْبَحْرَ } روي أنهم عبر بهم موسى يوم عاشوراء بعدما أهلك الله فرعون وقومه فصاموه شكراً لله { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ } فمروا عليهم { يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } يواظبون على عبادتها وكانت تماثيل بقر . وبكسر الكاف : حمزة وعلي . { قَالُواْ يا مُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَا إِلَـٰهًا } صنماً نعكف عليه { كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ } أصنام يعكفون عليها . و « ما » كافة للكاف ولذلك وقعت الجملة بعدها . قال يهودي لعلي رضي الله عنه : اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه . فقال : قلتم { ٱجْعَلْ لَّنَا إِلَـٰهًا } ولم تجف أقدامكم { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } تعجب من قولهم على أثر ما رأوا من الآية العظمى فوصفهم بالجهل المطلق وأكده { إِنَّ هَـؤُلآء } يعني عبدة تلك التماثيل { مُتَبَّرٌ } مهلك من التبار { مَّا هُمْ فِيهِ } أي يتبر الله ويهدم دينهم الذي هم عليه على يدي . وفي إيقاع { هَـؤُلاء } اسماً لـ « إن » وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبراً لها واسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار وأنه لا يعدوهم ألبتة . { وَبَـٰطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي ما عملوا من عبادة الأصنام باطل مضمحل .