Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 151-160)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال ربّ اغفر لي ولأخي } ليرضي أخاه وينفي الشماتة عنه بإشراكه معه في الدعاء ، والمعنى اغفر لي ما فرط مني في حق أخي ولأخي إن كان فرط في حسن الخلافة { وأدخلنا في رحمتك } عصمتك في الدنيا وجنتك في الآخرة { وأنت أرحم الراحمين إنّ الّذين اتّخذوا العجل } إلهاً { سينالهم غضبٌ مّن رّبّهم } هو ما أمروا به من قتل أنفسهم توبة { وذلّةٌ في الحيوٰة الدّنيا } خروجهم من ديارهم فالغربة تذل الأعناق أو ضرب الجزية عليهم { وكذلك نجزي المفترين } الكاذبين على الله ولا فرية أعظم من قول السامري « هذا إلهكم وإله موسى » { والّذين عملوا السّيّئات } من الكفر والمعاصي { ثم تابوا } رجعوا إلى الله { من بعدها وءامنوآ } وأخلصوا الإيمان { إنّ ربّك من بعدها } أي السيئات أو التوبة { لغفورٌ } لستور عليهم محاء لما كان منهم { رّحيمٌ } منعم عليهم بالجنة . و « إن » مع اسمها وخبرها خبر { الذين } وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل وغيرهم عظم جنايتهم أولاً ، ثم أردفها بعظم رحمته ليعلم أن الذنوب وإن عظمت فعفوه أعظم . ولما كان الغضب لشدته كأنه هو الآمر لموسى بما فعل قيل : { ولمّا سكت عن مّوسى الغضب } وقال الزجاج : معناه سكن وقريء به { أخذ الألواح } التي ألقاها { وفي نسختها } وفيما نسخ منها أي كتب فعلة بمعنى مفعول كالخطبة { هدًى وّرحمةٌ لّلّذين هم لربّهم يرهبون } دخلت اللام لتقدم المفعول وضعف عمل الفعل فيه باعتباره { واختار موسى قومه } أي من قومه فحذف الجار وأوصل الفعل { سبعين رجلاً } قيل : اختار من اثني عشر سبطاً من كل سبط ستة فبلغوا اثنين وسبعين رجلاً فقال : ليتخلف منكم رجلان فقعد كالب ويوشع { لّميقاتنا } لاعتذارهم عن عبادة العجل { فلمّآ أخذتهم الرّجفة } الزلزلة الشديدة { قال ربّ لو شئت أهلكتهم مّن قبل } بما كان منهم من عبادة العجل { وإيّاى } لقتلي القبطي { أتهلكنا بما فعل السّفهآء منّا } أتهلكنا عقوبة بما فعل الجهال منا وهم أصحاب العجل { إن هي إلاّ فتنتك } ابتلاؤك وهو راجع إلى قوله { فإنا قد فتنا قومك من بعدك } [ طه : 85 ] فقال موسى : هي تلك الفتنة التي أخبرتني بها أو هي ابتلاء الله تعالى عباده بما شاء ، { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } [ الأنبياء : 35 ] { تضلّ بها } بالفتنة { من تشآء } من علمت منهم اختيار الضلالة { وتهدي } بها { من تشآء } من علمت منهم اختيار الهدى { أنت وليّنا } مولانا القائم بأمورنا { فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا } وأثبت لنا واقسم { في هذٰه الدّنيا حسنةً } عاقبة وحياة طيبة وتوفيقا في الطاعة { وفي الآخرة } الجنة { إنّا هدنآ إليك } تبنا إليك وهاد إليه يهود إذا رجع وتاب والهود جمع هائد وهو التائب . { قال عذابي } من صفته أني { أصيب به من أشآء } أي لا أعفو عنه { ورحمتي وسعت كلّ شيءٍ } أي من صفة رحمتي أنها واسعة تبلغ كل شيء ، ما من مسلم ولا كافر إلا وعليه أثر رحمتي في الدنيا { فسأكتبها } أي هذه الرحمة { للّذين يتّقون } الشرك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم { ويؤتون الزّكوٰة } المفروضة { والّذين هم بآياتنا } بجميع كتبنا { يؤمنون } لا يكفرون بشيء منها { الّذين يتّبعون الرّسول } الذي نوحي إليه كتاباً مختصاً به وهو القرآن { النّبيّ } صاحب المعجزات { الأمّيّ الّذي يجدونه } أي يجد نعته أولئك الذين يتبعونه من بني إسرائيل { مكتوباً عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف } بخلع الأنداد وإنصاف العباد { وينهاهم عن المنكر } عبادة الأصنام وقطيعة الأرحام { ويحلّ لهم الطّيّبات } ما حرم عليهم من الأشياء الطيبة كالشحوم وغيرها ، أو ما طاب في الشريعة مما ذكر اسم الله عليه من الذبائح وما خلا كسبه من السحت { ويحرّم عليهم الخبائث } ما يستخبث كالدم والميتة ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، أو ما خبث في الحكم كالربا والرشوة ونحوهما من المكاسب الخبيثة { ويضع عنهم إصرهم } هو الثقل الذي يأصر صاحبه أي يحبسه عن الحراك لثقله ، والمراد التكاليف الصعبة كقتل النفس في توبتهم وقطع الأعضاء الخاطئة . { آصارهم } شامي على الجمع { والأغلال الّتي كانت عليهم } هي الأحكام الشاقة نحو : بت القضاء بالقصاص عمداً كان أو خطأ من غير شرع الدية ، وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب ، وإحراق الغنائم وظهور الذنوب على أبواب البيوت ، وشبهت بالغل للزومها لزوم الغل { فالّذين ءامنوا به } بمحمد صلى الله عليه وسلم { وعزّروه } وعظموه أو منعوه من العدو حتى لا يقوي عليه عدو وأصل العزر المنع ومنه التعزير لأنه منع عن معاودة القبيح كالحد فهو المنع { ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه } أي القرآن « ومع » متعلق بـ { اتبعوا } أي واتبعوا القرآن المنزل مع اتباع النبي والعمل بسنته { أولئك هم المفلحون } الفائزون بكل خير والناجون من كل شر . { قل يا أيّها النّاس إنّي رسول الله إليكم } بعث كل رسول إلى قومه خاصة وبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى كافة الإنس وكافة الجن { جميعاً } حال من { إليكم } { الّذي له ملك السّموٰت والأرض } في محل النصب بإضمار أعني وهو نصب على المدح { لآ إله إلاّ هو } بدل من الصلة وهي { له ملك السماوات والأرض } وكذلك { يحيـي ويميت } وفي { لا إله إلا هو } بيان للجملة قبلها لأن من ملك العالم كان هو الإلٰه على الحقيقة ، وفي { يحيـي ويميت } بيان لاختصاصه بالإلٰهية إذ لا يقدر على الإحياء والإماتة غيره { فئامنوا بالله ورسوله النّبيّ الأمّيّ الّذي يؤمن بالله وكلماته } أي الكتب المنزلة { واتّبعوه لعلّكم تهتدون } ولم يقل فآمنوا بالله وبي بعد قوله { إني رسول الله إليكم } لتجري عليه الصفات التي أجريت عليه ، ولما في الالتفات من مزية البلاغة ، وليعلم أن الذي وجب الإيمان به هو هذا الشخص الموصوف بأنه النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته كائناً من كان أنا أو غيري إظهاراً للنصفة وتفادياً من العصبية لنفسه { ومن قوم موسىٰ أمّةٌ يهدون بالحقّ } أي يهدون الناس محقين أو بسبب الحق الذي هم عليه { وبه يعدلون } وبالحق يعدلون بينهم في الحكم لا يجورون . قيل : هم قوم وراء الصين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج ، أو هم عبد الله بن سلام وأضرابه . { وقطعناهم } وصيرناهم قطعاً أي فرقاً وميزنا بعضهم من بعض { اثنتي عشرة أسباطاً } كقولك اثنتي عشرة قبيلة ، والأسباط أولاد الولد جمع سبط وكانوا اثنتي عشرة قبيلة من اثني عشر ولداً من ولد يعقوب عليه السلام . نعم مميز ما عدا العشرة مفرد فكان ينبغي أن يقال اثني عشر سبطاً ، لكن المراد وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة وكل قبيلة أسباط لا سبط فوضع « أسباط » موضع « قبيلة » { أمماً } بدل من { اثنتي عشرة } أي وقطعناهم أمماً لأن كل أسباط كانت أمة عظيمة وكل واحدة كانت تؤم خلاف ما تؤمه الأخرى { وأوحينآ إلى موسىٰ إذ استسقاه قومه أن اضرب بّعصاك الحجر } فضرب { فانبجست } فانفجرت { منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ أناسٍ مّشربهم } هو اسم جمع غير تكسير { وظلّلنا عليهم الغمام } وجعلناه ظليلاً عليهم في التيه { وأنزلنا عليهم المنّ والسّلوىٰ } وقلنا لهم { كلوا من طيّبات ما رزقناكم وما ظلمونا } أي وما رجع إلينا ضرر ظلمهم بكفرانهم النعم { ولكن كانوآ أنفسهم يظلمون } ولكن كانوا يضرون أنفسهم ويرجع وبال ظلمهم إليهم .