Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 161-169)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ } واذكر إذ قيل لهم { ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } بيت المقدس { وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَـٰتِكُمْ } { تَغْفِر لَكُمْ } مدني وشامي { خَطِيئَـٰتِكُمْ } مدني { خَطَـٰيَـٰكُمْ } أبو عمرو { خَطِئتكم } شامي { سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } ولا تناقض بين قوله { ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا } في هذه السورة وبين قوله في سورة « البقرة » { ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ } [ البقرة : 85 ] لوجود الدخول والسكنى . وسواء قدموا الحطة على دخول الباب أو أخروها فهم جامعون بينهما . وترك ذكر الرغد لا يناقض إثباته ، وقوله { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } موعد بشيئين بالغفران وبالزيادة ، وطرح الواو لا يخل بذلك لأنه استئناف مرتب على قول القائل : وماذا بعد الغفران ؟ فقيل له : { سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } وكذلك زيادة { مِنْهُمْ } زيادة بيان و { أَرْسَلْنَا } و { أَنزَلْنَا } و { يَظْلِمُونَ } و { يَفْسُقُونَ } من وادٍ واحد . { وَسْئَلْهُمْ } واسأل اليهود { عَنِ ٱلْقَرْيَةِ } أيلة أو مدين وهذا السؤال للتقريع بقديم كفرهم { ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ } قريبة منه { إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ } إذ يتجاورون حد الله فيه وهو اصطيادهم في يوم السبت وقد نهوا عنه { إِذْ يَعْدُونَ } في محل الجر بدل من { ٱلقَرْيَةِ } والمراد بالقرية أهلها كأنه قيل : واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت وهو من بدل الاشتمال { إِذْ تَأْتِيهِمْ } منصوب بـ { يَعْدُونَ } أو بدل بعد بدل { حِيتَانُهُمْ } جمع حوت أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها { يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا } ظاهرة على وجه الماء جمع شارع حال من الحيتان ، والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد ، والمعنى إذ يعدون في تعظيم اليوم وكذا قوله { يَوْمَ سَبْتِهِمْ } معناه يوم تعظيمهم أمر السبت ويدل عليه { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } و { يَوْمٍ } ظرف { لاَ تَأْتِيهِمْ } { كَذٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بفسقهم { وَإِذْ قَالَتِ } معطوف على { إِذْ يَعْدُونَ } وحكمه كحكمه في الإعراب { أُمَّةٌ مّنْهُمْ } جماعة من صلحاء القرية الذين أيسوا من وعظهم بعدما ركبوا الصعب والذلول في موعظتهم لآخرين لا يقلعون عن وعظهم { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيدًا } وإنما قالوا ذلك لعلمهم أن الوعظ لا ينفع فيهم { قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبّكُمْ } - معذرة - أي موعظتنا إبلاء عذر إلى الله لئلا ننسب في النهي عن المنكر إلى التفريط { مَعْذِرَةً } حفص على أنه مفعول له أي وعظناهم للمعذرة { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ولطمعنا في أن يتقوا . { فَلَمَّا نَسُواْ } أي أهل القرية لما تركوا { مَا ذُكّرُواْ بِهِ } ما ذكرهم به الصالحون ترك الناسي لما ينساه { أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُّوء } من العذاب الشديد { وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } الراكبين للمنكر والذين قالوا لم تعظون من الناجين ، فعن الحسن : نجت فرقتان وهلكت فرقة وهم الذين أخذوا الحيتان { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } شديد . يقال : بؤس يبؤس بأساً إذا اشتد فهو بئيس . { بِئْسَ } : شامي { بيس } مدني { بيئس } على وزن فيعل : أبو بكر غير حماد { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَـٰسِئِينَ } أي جعلناهم قردة أذلاء مبعدين . وقيل : فلما عتوا تكرير لقوله { فَلَمَّا نَسُواْ } والعذاب البئيس : هو المسخ . قيل : صار الشبان قردة والشيوخ خنازير وكانوا يعرفون أقاربهم ويبكون ولا يتكلمون ، والجمهور على أنها ماتت بعد ثلاث . وقيل : بقيت وتناسلت . { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ } أي أعلم وأجرى مجرى فعل القسم ، ولذا أجيب بما يجاب به القسم وهو قوله { لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ } أي كتب على نفسه ليسلطن على اليهود { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَن يَسُومُهُمْ } من يوليهم { سُوء ٱلْعَذَابِ } فكانوا يؤدون الجزية إلى المجوس إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم فضربها عليهم فلا تزال مضروبة عليهم إلى آخر الدهر { إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } للكفار { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } للمؤمنين { وَقَطَّعْنَـٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } وفرقناهم فيها فلا تخلو بلد عن فرقة { أُمَمًا مّنْهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ } الذين آمنوا منهم بالمدينة أو الذين وراء الصين { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه وهم الفسقة ومحل { دُونِ ذَلِكَ } الرفع وهو صفة لموصوف محذوف أي ومنهم ناس منحطون عن الصلاح { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ } بالنعم والنقم والخصب والجدب { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ينتهون فينيبون { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ } من بعد المذكورين { خَلْفٌ } وهم الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخلف بدل السوء بخلاف الخلف فهو الصالح { وَرِثُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة ووقفوا على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم ولم يعملوا بها { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } هو حال من الضمير في { وَرِثُواْ } والعرض : المتاع أي حطام هذا الشيء الأدنى يريد الدنيا وما يتمتع به منها وهو من الدنو بمعنى القرب لأنه عاجل قريب ، والمراد ما كانوا يأخذونه من الرشا في الأحكام على تحريف الكلم . وفي قوله { هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } تخسيس وتحقير { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } لا يؤاخذنا الله بما أخذنا ، والفعل مسند إلى الأخذ أو إلى الجار والمجرور أي لنا { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } الواو للحال أي يرجعون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم غير تائبين { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مّيثَاقُ ٱلْكِتَـٰبِ } أي الميثاق المذكور في الكتاب { أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } أي أخذ عليهم الميثاق في كتابهم أن لا يقولوا على الله إلا الصدق ، وهو عطف لـ { مّيثَاقُ ٱلْكِتَـٰبِ } { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } وقرءوا ما في الكتاب وهو عطف على { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم } لأنه تقرير فكأنه قيل : أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه { وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ } من ذلك العرض الخسيس { لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الرشا والمحارم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أنه كذلك وبالتاء : مدني وحفص .