Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 82-92)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا } أي فيضحكون قليلاً على فرحهم بتخلفهم في الدنيا ويبكون كثيراً جزاء في العقبى ، إلا أنه أخرج على لفظ الأمر للدلالة على أنه حتم واجب لا يكون غيرهُ . يروي أن أهل النفاق يبكون في النار عمر الدنيا لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم { جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من النفاق { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ } أي ردك من تبوك . وإنما قال { إِلَىٰ طَائِفَةٍ مّنْهُمْ } لأن منهم من تاب من النفاق ومنهم من هلك { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } إلى غزوة بدر غزوة تبوك { فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا } وبسكون الياء : حمزة وعلي وأبو بكر { وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِىَ عَدُوّا } { مَعِىَ } حفص { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أول ما دعيتم إلى غزوة تبوك { فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَـٰلِفِينَ } مع من تخلف بعد . وسأل ابن عبد الله بن أبي وكان مؤمناً أن يكفن النبي صلى الله عليه وسلم أباه في قميصه ويصلي عليه فقبل ، فاعترض عمر رضي الله عنه في ذلك فقال عليه السلام : " ذلك لا ينفعه وإني أرجو أن يؤمن به ألف من قومه " فنزل { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم } من المنافقين يعني صلاة الجنازة . روي أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه يطلب التبرك بثوب النبي صلى الله عليه وسلم { مَّاتَ } صفة لـ { أَحَدٌ } { أَبَدًا } ظرف لـ { تَصِلُ } وكان عليه السلام إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له فقيل : { وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَـٰسِقُونَ } تعليل للنهي أي أنهم ليسوا بأهل للصلاة عليهم لأنهم كفروا بالله ورسوله { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِى ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ } التكرير للمبالغة والتأكيد وأن يكون على بال من المخاطب لا ينساه وأن يعتقد أنه مهم ، ولأن كل آية في فرقة غير الفرقة الأخرى . { وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ } يجوز أن يراد سورة بتمامها وأن يراد بعضها كما يقع القرآن والكتاب على كله وعلى بعضه { أَنْ ءامِنُواْ بِٱللَّهِ } بأن آمنوا أو هي « أن » المفسرة { وَجَـٰهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ } ذوو الفضل والسعة { وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَـٰعِدِينَ } مع الذين لهم عذر في التخلف كالمرضى والزمنى { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوٰلِفِ } أي النساء جمع « خالفة » { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } ختم عليها لاختيارهم الكفر والنفاق { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } ما في الجهاد من الفوز والسعادة وما في التخلف من الهلاك والشقاوة { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ جَـٰهَدُواْ * * * بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } أي إن تخلف هؤلاء فقد نهض إلى الغزو من هو خير منهم { وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ } تناول منافع الدارين لإطلاق اللفظ . وقيل : الحور لقوله { فِيهِنَّ خَيْرٰتٌ } [ الرحمن : 70 ] { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون بكل مطلوب { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلاْنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } قوله { أَعَدَّ } دليل على أنها مخلوقة . { وَجَاء ٱلْمُعَذّرُونَ مِنَ ٱلأعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } هو من عذّر في الأمر إذا قصر فيه وتوانى ، وحقيقته أن يوهم أن له عذراً فيما فعل ولا عذر له ، أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين وهم الذين يعتذرون بالباطل قيل : هم أسد وغطفان قالوا : إن لنا عيالاً وإن بنا جهداً فأذن لنا في التخلف { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } هم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر بذلك أنهم كذبوا الله ورسوله في ادعائهم الإيمان { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } من الأعراب { عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاء } الهرمى والزمنى { وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } هم الفقراء من مزينة وجهينة وبني عذرة { حَرَجٌ } إثم وضيق في التأخر { إِذَا نَصَحُواْ ٱللَّهِ وَرَسُولُهِ } بأن آمنوا في السر والعلن وأطاعوا كما يفعل الناصح بصاحبه { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } المعذورين النّاصحين { مّن سَبِيلٍ } أي لا جناح عليهم ولا طريق للعتاب عليهم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } يغفر تخلفهم { رَّحِيمٌ } بهم { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } لتعطيهم الحمولة { قُلْتَ } حال من الكاف في { أَتَوْكَ } و « قد » قبله مضمرة أي إذا ما أتوك قائلاً { لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا } هو جواب « إذا » { وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ } أي تسيل كقولك « تفيض دمعاً » وهو أبلغ من يفيض دمعها لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض و « من » للبيان كقولك « أفديك من رجل » ، ومحل الجار والمجرور النصب على التمييز ، ويجوز أن يكون { قُلْتَ لاَ أَجِدُ } استئنافاً كأنه قيل : إذا ما أتوك لتحملهم تولوا فقيل : ما لهم تولوا باكين ؟ فقيل : { قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ } إلا أنه وسط بين الشرط والجزاء كالاعتراض { حَزَناً } مفعول له { أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } لئلا يجدوا ما ينفقون ومحله نصب على أنه مفعول له ، وناصبة { حَزَناً } والمستحملون أبو موسى الأشعري وأصحابه ، أو البكاؤون وهم ستة نفر من الأنصار .