Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 93-100)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَئْذِنُونَكَ } في التخلف { وَهُمْ أَغْنِيَاءُ } وقوله { رَضُواْ } استئناف كأنه قيل : ما بالهم استأذنوا وهم أغنياء ؟ فقيل : رضوا { بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوٰلِفِ } أي بالانتظام في جملة الخوالف { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ } يقيمون لأنفسهم عذراً باطلاً { إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ } من هذه السفرة { قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ } بالباطل { لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } لن نصدقكم وهو علة للنهي عن الاعتذار لأن غرض المعتذر أن يصدق فيما يعتذر به { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } علة لانتفاء تصديقهم لأنه تعالى إذا أوحى إلى رسوله الإعلام بأخبارهم وما في ضمائرهم لم يستقم مع ذلك تصديقهم في معاذيرهم { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } أتنيبون أم تثبتون على كفركم { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } أي تردون إليه وهو عالم كل سر وعلانية { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فيجازيكم على حسب ذلك . { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ } لتتركوهم ولا توبخوهم { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } فأعطوهم طلبتهم { إِنَّهُمْ رِجْسٌ } تعليل لترك معاتبتهم أي أن المعاتبة لا تنفع فيهم ولا تصلحهم لأنهم أرجاسٍ لا سبيل إلى تطهيرهم { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمَ } ومصيرهم النار يعني وكفتهم النار عتاباً وتوبيخاً فلا تتكلفوا عتابهم { جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي يجزون جزاء كسبهم { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } أي غرضهم بالحلف بالله طلب رضاكم لينفعهم ذلك في دنياهم { فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } أي فإن رضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كان الله ساخطاً عليهم وكانوا عرضة لعاجل عقوبته وآجلها ، وإنما قيل ذلك لئلا يتوهم أن رضا المؤمنين يقتضي رضا الله عنهم . { ٱلأَعْرَابُ } أهل البدو { أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا } من أهل الحضر لجفائهم وقسوتهم وبعدهم عن العلم والعلماء { وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ } وأحق بأن لا يعلموا { حُدُودَ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } يعني حدود الدين وما أنزل الله من الشرائع والأحكام ومنه قوله عليه السلام : " إن الجفاء والقسوة في الفدادين " يعني الأكرة لأنهم يفدون أي يصيحون في حروثهم والفديد الصياح { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بأحوالهم { حَكِيمٌ } في إمهالهم { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } أي يتصدق { مَغْرَمًا } غرامة وخسراناً لأنه لا ينفق إلا تقيّة من المسلمين ورياء لا لوجه الله وابتاء المثوبة عنده { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَ } أي دوائر الزمان وتبدل الأحوال بدور الأيام لتذهب غلبتكم عليه فيتخلص من إعطاء الصدقة { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْء } أي عليهم تدور المصائب والحروب التي يتوقعون وقوعها في المسلمين . { ٱلسَّوْء } مكي وأبو عمرو وهو العذاب ، و { ٱلسَّوْء } بالفتح ذم للدائرة كقولك « رجل سوء » في مقابلة قولك « رجل صدق » { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لما يقولون إذا توجهت عليهم الصدقة { عَلِيمٌ } بما يضمرونه . { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } في الجهاد والصدقات { قُرُبَـٰتٍ } أسباباً للقربة { عَندَ ٱللَّهِ } وهو مفعول ثان لـ { يَتَّخِذُ } { وَصَلَوٰتِ ٱلرَّسُولِ } أي دعاءه لأنه عليه السلام كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم كقوله « اللهم صل على آل أبي أوفى » { أَلا إِنَّهَا } أي النفقة أو صلوات الرسول { قُرْبَةٌ لَّهُمْ } { قُرْبَةٌ } نافع . وهذا شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات ، وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف مع حرفي التنبيه ، والتحقيق المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه ، وكذلك { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } أي جنته وما في السين من تحقيق الوعد ، وما أدل هذا الكلام على رضا الله من المتصدقين ، وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } يستر عيب المخل { رَّحِيمٌ } يقبل جهد المقل { وَٱلسَّـٰبِقُونَ } مبتدأ { ٱلأَوَّلُونَ } صفة لهم { مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ } تبيين لهم وهم الذين صلوا إلى القبلتين ، أو الذين شهدوا بدراً أو بيعة الرضوان { وَٱلأَنصَـٰرِ } عطف على { الْمُهَـٰجِرِينَ } أي ومن الأنصار وهم أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة نفر ، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } من المهاجرين والأنصار فكانوا سائر الصحابة . وقيل : هم الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة والخبر { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بأعمالهم الحسنة { وَرَضُواْ عَنْهُ } بما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية { وَأَعَدَّ لَهُمْ } عطف على { رَضِيَ } { جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } { مِن تَحْتِهَا } : مكي { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } .