Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 50-63)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومكروا مكراً } أي غدروا غدراً حين قصدوا تبيت صالح وأهله { ومكرنا مكراً } يعني جازيناهم على مكرهم بتعجيل العذاب { وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم } يعني أهلكناهم أي التسعة قال ابن عباس : أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتت التسعة دار صالح شاهرين سلاحهم ، فرمتهم الملائكة بالحجارة وهم يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم وأهلك الله جميع القوم بالصيحة { وقومهم أجمعين ، فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } أي بظلمهم وكفرهم { إن في ذلك لآية } أي لعبرة { لقوم يعلمون } أي قدرتنا { وأنجينا الذين آمنوا ، وكانوا يتقون } يقال إن الناجين كانوا أربعة آلاف . قوله تعالى { ولوطاً إذ قال لقومه : أتأتون الفاحشة } أي الفعلة القبيحة { وأنتم تبصرون } أي تعلمون أنها فاحشة هو من بصر القلب وقيل : معناه يبصر بعضكم بعضاً وكانوا لا يستترون عتواً منهم { أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون } فإن قلت إذا فسر تبصرون بالعلم وقد قال : بعده " قوم تجهلون " فيكون العلم جهلاً . قلت : معناه تفعلون فعل الجاهلين وتعلمون أنه فاحشة . وقيل : تجهلون العاقبة وقيل أراد بالجهل السفاهة التي كانوا عليها { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون } يعني من أدبار الرجال { فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين } أي قضينا عليها بأن جعلناها من الباقين في العذاب { وأمطرنا عليهم مطراً } أي الحجارة { فساء } أي فبئس { مطر المنذرين } قوله عز وجل { قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى } هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله على هلاك كفار الأمم الخالية ، وقيل : يحمده على جميع نعمه وسلام على عباده الذين اصطفى يعني الأنبياء والمرسلين وقال ابن عباس : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : هم كل المؤمنين من السابقين واللاحقين { الله خير أما يشركون } فيه تبكيت للمشركين وإلزام الحجة عليهم بعد هلاك الكفار . والمعنى آلله خير لمن عبده أم الأصنام لمن عبدها فإن الله خير لمن عبده وآمن به لإغنائه عنه من الهلاك والأصنام ، لم تغن شيئاً عن عابديها عند نزول العذاب ، ولهذا السبب ذكر أنواعاً تدل على وحدانيته وكمال قدرته . فالنوع الأول قوله تعالى : { أمن خلق السموات والأرض } ذكر أعظم الأشياء المشاهدة الدالة على عظيم قدرته . والمعنى الأصنام خير أم الذي خلق السموات والأرض ثم ذكر نعمه فقال { وأنزل لكم من السماء ماء } يعني المطر { فأنبتنا به حدائق } أي بساتين جمع حديقة ، وهو البستان المحيط عليه فإن لم يكن عليه حائط فليس بحديقة { ذات بهجة } أي ذات منظر حسن والبهجة الحسن يبتهج به من يراه { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } يعني ما ينبغي لكم ، لأنكم لا تقدرون على ذلك لأن الإنسان قد يقول : أنا المنبت للشجرة بأن أغرسها وأسقيها الماء فأزال هذه الشبهة بقوله { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } لأن إنبات الحدائق المختلفة الأصناف ، والطعوم والروائح المختلفة والزروع تسقى بماء واحد ، لا يقدر عليه إلا الله تعالى ولا يتأتى لأحد وإن تأتى ذلك لغيره محال { أإله مع الله } يعني هل معه معبود أعانه على صنعه { بل } يعني ليس معه إله ولا شريك { هم قوم } يعني كفار مكة { يعدلون } يشركون وقيل يعدلون عن هذا الحق الظاهر إلى الباطل . النوع الثاني قوله عز وجل { أمن جعل الأرض قراراً } أي دحاها وسواها للاستقرار عليها ، وقيل لا تميد بأهلها { وجعل خلالها أنهاراً } أي وسطها بأنهار تطرد بالمياه { وجعل لها رواسي } أي جبالاً ثوابت { وجعل بين البحرين } يعني العذاب والملح { حاجزاً } أي مانعاً لا يختلط أحدهما بالآخر { أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون } أي توحيد ربهم وقدرته وسلطانه . النوع الثالث قوله تعالى { أمن يجيب المضطر } أي المكروب المجهود ، وقيل : المضرور بالحاجة المحوجة من مرض أو نازلة من نوازل الدهر يعني إذا نزلت بأحد بادر إلى الالتجاء والتضرع إلى الله تعالى وقيل : هو المذنب إذا استغفر { إذا دعاه } يعني فيكشف ضره { ويكشف السوء } أي الضر لأنه لا يقدر على تغيير حال من فقر إلى غنى ، ومن مرض إلى صحة ومن ضيق إلى سعة إلا القادر ، الذي لا يعجز والقاهر الذي لا يغلب ولا ينازع { ويجعلكم خلفاء الأرض } أي سكانها ، وذلك أنه ورثهم سكانها والتصرف فيها قرناً بعد قرن وقيل يجعل أولادكم خلفاء لكم وقيل : جعلكم خلفاء الجن في الأرض { أإله مع الله قليلاً ما تذكرون } أي تتعظون . النوع الرابع قوله عز وجل { أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر } أي يهديكم بالنجوم والعلامات إذا جن عليكم الليل مسافرين في البر والبحر { ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } أي قدام المطر { أإله مع الله تعالى عما يشركون }