Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 84-87)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فتىء من أخوات كان الناقصة قال أوس بن حجر : @ فما فتئت حي كان غبارها سرادق بوم ذي رياح يرفع @@ وقال أيضاً : @ فما فتئت خيل تثوب وتدعي ويلحق منها لاحق وتقطع @@ ويقال فيها : فتأ على وزن ضرب ، وأفتأ على وزن أكرم . وزعم ابن مالك أنها تكون بمعنى سكن وأطفأ ، فتكون تامة . ورددنا عليه ذلك في شرح التسهيل ، وبينا أن ذلك تصحيف منه . صحف الثاء بثلاث ، بالتاء بثنتين من فوق ، وشرحها بسكن وأطفأ . الحرض : المشفي على الهلاك يقال : حرض فهو حرض بكسر الراء ، حرضاً بفتحها وهو المصدر ، ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع . وأحرضه المرض فهو محرض قال : @ أرى المرء كالأزواد يصبح محرضا كاحراض بكر في الديار مريض @@ وقال الآخر : @ إني امرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم @@ وقال : رجل حرض بضمتين كجنب وشلل . { وتولى عنهم وقال يأسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم . قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين . قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون . يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } : وتولى عنهم أي أعرض عنهم كراهة لما جاؤوا به ، وأنه ساء ظنه بهم ، ولم يصدق قولهم ، وجعل يتفجع ويتأسف . قال الحسن : خصت هذه الأمة بالاسترجاع . ألا ترى إلى قول يعقوب : يا أسفي ، ونادى الأسف على سبيل المجاز على معنى : هذا زمانك فاحضر . والظاهر أنه يضاف إلى ياء المتكلم قلبت ألفاً ، كما قالوا : في يا غلامي يا غلاما . وقيل : هو على الندبة ، وحذف الهاء التي للسكت . قال الزمخشري : والتجانس بين لفظتي الأسف ويوسف مما يقع مطبوعاً غير مستعمل فيملح ويبدع ، ونحوه : اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم ، وهم ينهون عنه وينأون عنه يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ، من سبأ بنبإ انتهى . ويسمى هذا تجنيس التصريف ، وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف . وذكر يعقوب ما دهاه من أمر بنيامين ، والقائل لن أبرح الأرض فقدانه يوسف ، فتأسف عليه وحده ، ولم يتأسف عليهما ، لأنه هو الذي لا يعلم أحيّ هو أم ميت ؟ بخلاف أخوته . ولأنه كان أصل الرزايا عنده ، إذ ترتبت عليه ، وكان أحب أولاده إليه ، وكان دائماً يذكره ولا ينساه . وابيضاض عينيه من توالي العبرة ، فينقلب سواد العين إلى بياض كدر . والظاهر أنه كان عمي لقوله : فارتد بصيراً . وقال : { وما يستوي الأعمى والبصير } [ فاطر : 19 ] فقابل البصير بالأعمى . وقيل : كان يدرك ادراكاً ضعيفاً ، وعلل الابيضاض بالحزن ، وإنما هو من البكاء المتوالي ، وهو ثمرة الحزن ، فعلل بالأصل الذي نشأ منه البكاء وهو الحزن . وقرأ ابن عباس ومجاهد : من الحزن بفتح الحاء والزاي ، وقتادة : بضمها ، والجمهور : بضم الحاء وإسكان الزاي . والكظيم إما للمبالغة وهو الظاهر اللائق بحال يعقوب أي : شديد الكظم كما قال : { والكاظمين الغيظ } [ آل عمران : 134 ] ولم يشك يعقوب إلى أحد ، وإنما كان يكتمه في نفسه ، ويمسك همه في صدره ، فكان يكظمه أي : يرده إلى قلبه ولا يرسله بالشكوى والغضب والضجر . وإما أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول ، وهو لا ينقاس ، وقاله قوم كما قال في يونس : { إذ نادى وهو مكظوم } [ القلم : 48 ] قال ابن عطية : وإنما يتجه على تقدير أنه مليء بحزنه ، فكأنه كظم حزنه في صدره . وفسر ناس الكظيم بالمكروب وبالمكمود . وروي : أنه ما جفت عيناه من فراق يوسف إلى لقائه ثمانين عاماً ، وأنّ وجده عليه وجد سبعين ثكلى ، وأجره أجر مائة شهيد . وقال الزمخشري : فهو كظيم ، فهو مملوء من الغيظ على أولاده ، ولا يظهر ما يسوؤهم انتهى . وقد ذكرنا أنّ فعيلاً بمعنى مفعول لا ينقاس ، وجواب القسم تفتؤ حذفت منه ، لا لأنّ حذفها جائز ، والمعنى : لا تزال . وقال مجاهد : لا تفتر من حبه ، كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين ، والحرض الذي قدرنا موته . قال مجاهد : ما دون الموت . وقال قتادة : البالي الهرم ، وقال نحوه : الضحاك والحسن . وقال ابن إسحاق : الفاسد الذي لا عقل له . وكأنهم قالوا له ذلك على جهة تفنيد الرأي أي : لا تزال تذكر يوسف إلى حال القرب من الهلاك ، أو إلى أنْ تهلك فقال هو : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله أي : لا أشكو إلى أحد منكم ، ولا غيركم . وقال أبو عبيدة وغيره : البث أشدّ الحزن ، سمي بذلك لأنه من صعوبته لا يطيق حمله ، فيبثه أي ينشره . وقرأ الحسن وعيسى : وحزني بفتحتين . وقرأ قتادة : بضمتين . وأعلم من الله ما لا تعلمون أي : أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتي بالفرج من حيث لا أحتسب ، قاله الزمخشري . وقال ابن عطية : ويحتمل أنه أشار إلى الرؤيا المنتظرة ، أو إلى ما وقع في نفسه من قول ملك مصر إني أدعو له برؤيته ابنه قبل الموت . وقيل : رأى ملك الموت في منامه فسأله : هل قبضت روح يوسف ؟ فقال : لا ، هو حي فاطلبه . اذهبوا : أمر بالذهاب إلى الأرض التي جاؤوا منها وتركوا بها أخويهم بنيامين والمقيم بها ، وأمرهم بالتحسس وهو الاستقصاء ، والطلب بالحواس ، ويستعمل في الخير والشر . وقرىء : بالجيم ، كالذي في الحجرات : { ولا تجسسوا } [ الحجرات : 12 ] والمعنى : فتحسسوا نبأ من أمر يوسف وأخيه ، وإنما خصهما لأن الذي أقام وقال : فلن أبرح الأرض ، إنما أقام مختاراً . وقرأ الجمهور : تيأسوا ، وفرقة : تأيسوا . وقرأ الأعرج : تئسوا بكسر التاء . وروح الله رحمته ، وفرجه ، وتنفيسه . وقرأ عمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وقتادة : من روح الله بضم الراء . قال ابن عطية : وكان معنى هذه القراءة لا تيأسوا من حي معه روح الله الذي وهبه ، فإنّ من بقي روحه يرجى . ومن هذا قول الشاعر : @ وفي غير من قدورات الأرض فاطمع @@ ومن هذا قول عبيد بن الأبرص : @ وكل ذي غيبة يؤوب وغائب الموت لا يؤوب @@ وقال الزمخشري : من روح الله بالضم أي من رحمته التي تحيا بها العباد انتهى . وقرأ أبيّ من رحمة الله من صفات الكافر ، إذ فيه التكذيب بالربوبية ، أو الجهل بصفات الله .