Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 25-26)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال مقاتل نزلت : والذين ينقضون في أهل الكتاب . وقال ابن عباس : نزلت الله يبسط في مشركي مكة ، ولما ذكر تعالى حال السعداء وما ترتب لهم من الأمور السنية الشريفة ، ذكر حال الأشقياء وما ترتب لهم من الأمور المخزية . وتقدم تفسير الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل الآية في أوائل البقرة وترتب للسعداء هناك التصريح بعقبي الدار وهي الجنة ، وإكرام الملائكة لهم بالسلام ، وذلك غاية القرب والتأنيس . وهنا ترتب للأشقياء الإبعاد من رحمة الله . وسوء الدار أي : الدار السوء وهي النار ، وسوء عاقبة الدار ، وتكون دار الدنيا . ولما كان كثير من الأشقياء فتحت عليهم نعم الدنيا ولذاتها أخبر تعالى أنه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، والكفر والإيمان لا تعلق لهما بالرزق . قد يقدر على المؤمن ليعظم أجره ، ويبسط للكافر إملاء لازدياد آثامه . ويقدر مقابل يبسط ، وهو التضييق من قوله : { ومن قدر عليه رزقه } [ الطلاق : 7 ] وعليه يحمل { فظن أنْ لن نقدر عليه } [ الأنبياء : 87 ] وقول ذلك الذي أحرق وذري في البحر : « لئن قدر الله على » أي لئن ضيق . وقيل : يقدر يعطي بقدر الكفاية . وقرأ زيد بن علي : ويقدر بضم الدال ، حيث وقع والضمير في فرحوا عائد على الذين ينقضون ، وهو استئناف إخبار عن جهلهم بما أوتوا من بسطة الدنيا عليهم ، وفرحهم فرح بطر وبسط لا فرح سرور بفضل الله وإنعامه عليهم ، ولم يقابلوه بالشكر حتى يستوجبوا نعيم الآخرة بفضل الله به ، واستجهلهم بهذا الفرح إذ هو فرح بما يزول عن قريب وينقضي . ويبعد قول من ذهب إلى أنه معطوف على صلات . والذين ينقضون أي : يفسدون في الأرض ، وفرحوا بالحياة الدنيا . وفي الكلام تقديم وتأخير . ومتاع : معناه ذاهب مضمحل يستمتع به قليلاً ثم يفنى . كما قال الشاعر : @ تمتع يا مشعث إن شيئاً سبقت به الممات هو المتاع @@ وقال آخر : @ أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير أن لا بقاء للإنسان @@ وقال آخر : @ تمتع من الدنيا فإنك فان من النشوات والنساء الحسان @@ قال الزمخشري : خفي عليهم أن نعيم الدنيا في جنب نعيم الآخرة ليس إلا شيئاً نذراً ، يتمتع به كعجالة الراكب ، وهو ما يتعجله من تميرات أو شربة سويق أو غير ذلك انتهى . وهذا معنى قول الحسن : أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الحياة الدنيا في جنب ما أعد الله لأوليائه في الآخرة نذر ليس يتمتع به كعجالة الراكب ، وهو ما يتعجله من تميرات أو شربة سويق أو غير ذلك . وقال ابن عباس : زاد كزاد الرعي . وقال مجاهد : قليل ذاهب من متع النهار إذا ارتفع فلا بد له من زوال .