Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-45)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم . ويوم منصوب على أنه مفعول ثان لا نذر ، ولا يصح أن يكون ظرفاً ، لأنّ ذلك اليوم ليس بزمان للإنذار ، وهذا اليوم هو يوم القيامة والمعنى : وأنذر الناس الظالمين ، ويبين ذلك قوله : فيقول الذين ظلموا ، لأن المؤمنين يبشرون ولا ينذرون . وقيل : اليوم يوم هلاكهم بالعذاب العاجل ، أو يوم موتهم معذبين بشدة السكرات ، ولقاء الملائكة بلا بشرى كقوله : { لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدَّق } [ المنافقون : 10 ] ومعنى التأخر إلى أجل قريب الرد إلى الدنيا قاله الضحاك ، إذ الإمهال إلى أمد وحد من الزمان قريب قاله السدي ، أي : لتدارك ما فرطوا من إجابة الدعوة ، واتباع الرسل . أو لم تكونوا هو على إضمار القول والظاهر أنّ التقدير فيقال لهم ، والقائل الملائكة ، أو القائل الله تعالى . يوبخون بذلك ، ويذكرون مقالتهم في إنكار البعث ، وإقسامهم على ذلك كما قال تعالى : { واقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } [ النحل : 38 ] ومعنى ما لكم من زوال ، من الأرض بعد الموت أي : لا نبعث من القبور . وقال محمد بن كعب : إنّ هذا القول يكون منهم وهم في النار ، ويرد عليهم : أو لم تكونوا ، ومعناه التوبيخ والتقريع . وقال الزمخشري أو لم تكونوا أقسمتم على إرادة القول ، وفيه وجهان : أن يقولوا ذلك بطراً وأشراً ، ولما استولى عليهم من عادة الجهل والسفه . وأن يقولوا بلسان الحال حيث بنوا شديداً ، وأملوا بعيداً . وما لكم جواب القسم ، وإنما جاء بلفظ الخطاب لقوله : أقسمتم ، ولو حكى لفظ المقسمين لقيل : ما لنا من زوال ، والمعنى : أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزولون بالموت والفناء ، وقيل : لا تنتقلون إلى دار أخرى انتهى . فجعل الزمخشري أو لم تكونوا محكياً بقولهم ، وهو مخالف لما قد بيناه من أنه يقال لهم ذلك ، وقوله : لا يزولون بالموت والفناء ليس بجيد ، لأنهم مقرون بالموت والفناء . وقوله هو قول مجاهد . وسكنتم إن كان من السكون ، فالمعنى : أنهم قروا فيها واطمأنوا طيبي النفوس سائرين بسيرة من قبلهم في الظلم والفساد ، لا يحدثونها بما لقي الظالمون قبلهم . وإن كان من السكنى ، فإنّ السكنى من السكون الذي هو اللبث ، والأصل تعديته بفي كما يقال : أقام في الدار وقر فيها ، ولكنه لما أطلق على سكون خاص تصرف فيه ، فقيل : سكن الدار كما قيل : تبوأها ، وتبين لكم بالخبر وبالمشاهدة ما فعلنا بهم من الهلاك والانتقام . وقرأ الجمهور : وتبين فعلاً ماضياً ، وفاعله مضمر يدل عليه الكلام أي : وتبين لكم هو أي حالهم ، ولا يجوز أن يكون الفاعل كيف ، لأنّ كيف إنما تأتي اسم استفهام أو شرط ، وكلاهما لا يعمل فيه ما قبله ، إلا ما روي شاذاً من دخول على علي كيف في قولهم : على كيف تبيع الأحمرين ، وإلى في قولهم : أنظر إلى كيف تصنع ، وإنما كيف هنا سؤال عن حال في موضع نصب بفعلنا . وقرأ السلمي فيما حكى عنه أبو عمرو الداني : ونبين بضم النون ، ورفع النون الأخيرة مضارع بين ، وحكاها صاحب اللوامح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وذلك على إضمار ونحن نبين ، والجملة حالية . وقال المهدوي عن السلمي : إنه قرأ كذلك ، إلا أنه جزم النون عطفاً على أو لم تكونوا أي : ولم نبين فهو مشارك في التقرير . وضربنا لكم الأمثال أي : صفات ما فعلوا وما فعل بهم ، وهي في الغرابة كالأمثال المضروبة لكل ظالم .