Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-25)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مددناها بسطناها ليحصل بها الانتفاع لمن حلها . قال الحسن : أخذ الله طينة فقال لها : انبسطي فانبسطت . وقيل : بسطت من تحت الكعبة . ولما كانت هذه الجملة بعدها جملة فعلية ، كان النصب على الاشتغال أرجح من الرفع على الابتداء ، فلذلك نصب والأرض . والرواسي : الجبال ، وفي الحديث : " إن الأرض كانت تتكفأ بأهلها كما تتكفأ السفينة فثبتها الله بالجبال " ومِن في من كل للتبعيض ، وعند الأخفش هي زائدة أي كل شيء . والظاهر أنّ الضمير في فيها يعود على الأرض الممدودة ، وقيل : يعود على الجبال ، وقيل : عليها وعلى الأرض معاً . قال ابن عباس ، وابن جبير : موزون مقدر بقدر . وقال الزمخشري قريباً منه قال : وزن بميزان الحكمة ، وقدر بمقدار يقتضيه لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان . وقال ابن عطية : قال الجمهور : معناه مقدر محرر بقصد وإرادة ، فالوزن على هذا مستعار . وقال ابن زيد : المراد ما يوزن حقيقة كالذهب والفضة ، وغير ذلك مما يوزن . وقال قتادة : موزون مقسوم . وقال مجاهد : معدود ، وقال الزمخشري : أوله وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة . وبسطه غيره فقال : ما له منزلة ، كما تقول : ليس له وزن أي : قدر ومنزلة . ويقال : هذا كلام موزون ، أي منظوم غير منتثر . فعلى هذا أي : أنبتنا فيها ، ما يوزن من الجواهر والمعادن والحيوان . وقال تعالى : { وأنبتها نباتاً حسناً } [ آل عمران : 37 ] والمقصود بالإنبات الإنشاء والإيجاد . وقرأ الأعرج وخارجة عن نافع : معائش بالهمز . قال ابن عطية : والوجه ترك الهمز ، وعلل ذلك بما هو معروف في النحو . وقال الزمخشري : معايش بياء صريحة بخلاف الشمائل والخبائث ، فإنّ تصريح الياء فيها خطأ ، والصواب الهمزة ، أو إخراج الياء بين بين . وتقدم تفسير المعايش أول الأعراف والظاهر أنّ من لمن يعقل ويراد به العيال والمماليك والخدم الذين يحسبون أنهم يرزقونهم ويخطئون ، فإن الله هو الرزاق يرزقكم وإياهم . وقال معناه الفراء ، ويدخل معهم ما لا يعقل بحكم التغليب كالأنعام والدواب ، وما بتلك المثابة مما الله رازقه ، وقد سبق إلى ظنهم أنهم الرازقون ، وقال معناه الزجاج . وقال مجاهد : الدواب والأنعام والبهائم . وقيل : الوحوش والسباع والطير . فعلى هذين القولين يكون من لما لا يعقل . والظاهر أنّ مِن في موضع جر عطفاً على الضمير المجرور في لكم ، وهو مذهب الكوفيين ويونس والأخفش . وقد استدل القائل على صحة هذا المذهب في البقرة في قوله : { وكفر به والمسجد الحرام } [ البقرة : 217 ] وقال الزجاج : من منصوب بفعل محذوف تقديره : وأعشنا من لستم أي : أمماً غيركم ، لأنّ المعنى أعشناكم . وقيل : عطفاً على معايش أي : وجعلنا لكم من لستم له برازقين من العبيد والصناع . وقيل : والحيوان . وقيل : عطفاً على محل لكم . وقيل : من مبتدأ خبره محذوف لدلالة المعنى عليه أي : ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش . وهذا لا بأس به ، فقد أجازوا ضربت زيداً وعمرو بالرفع على الابتداء أي : وعمرو ضربته ، فحذف الخبر لدلالة ما قبله عليه . وتقدم شرح الخزائن . وإنْ نافية ، ومن زائدة ، والظاهر أنّ المعنى : وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والأنعام به ، فتكون الخزائن وهي ما يحفظ فيه الأشياء مستعارة من المحسوس الذي هو الجسم إلى المعقول . وقال قوم : المراد الخزائن حقيقة ، وهي التي تحفظ فيها الأشياء ، وأن للريح مكاناً ، وللمطر مكاناً ، ولكل مكان ملك وحفظه ، فإذا أمر الله بإخراج شيء منه أخرجته الحفظة . وقيل : المراد بالشيء هنا المطر ، قاله ابن جريج . وقرأ الأعمش : وما نرسله مكان وما ننزله ، والإرسال أعم ، وهي قراءة تفسير معنى لا أنها لفظ قرآن ، لمخالفتها سواد المصحف . وعن ابن عباس ، والحكم بن عيينة : أنه ليس عام أكثر مطراً من عام ، ولكنّ الله تعالى ينزله في مواضع دون مواضع . ولواقح جمع لاقح ، يقال : ريح لاقح جائيات بخير من إنشاء سحاب ماطر ، كما قيل للتي لا تأتي بخير بل بشر ريح عقيم ، أو ملاقح أي : حاملات للمطر . وفي صحيح البخاري : لواقح ملاقح ملقحة . وقال عبيد بن عمير : يرسل الله المبشرة تقم الأرض قمائم المثيرة ، فتثير السحاب . ثم المؤلفة فتؤلفه ، ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشجر . ومن قرأ بإفراد الريح فعلى تأويل الجنس كما قالوا : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، وسقى وأسقى قد يكونان بمعنى واحد . وقال أبو عبيدة : من سقى الشفة سقى فقط ، أو الأرض والثمار أسقى ، وللداعي لأرض وغيرها بالسقيا أسقى فقط . وقال الأزهري : العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ، ومن السماء ، أو نهر يجري : أسقيته ، أي جعلته شرباً له ، وجعلت له منه مسقى . فإذا كان للشفة قالوا : سقى ، ولم يقولوا أسقى . وقال أبو علي : سقيته حتى روي ، وأسقيته نهراً جعلته شرباً له . وجاء الضمير هنا متصلاً بعد ضمير متصل كما تقدم في قوله : { أنلزمكموها } [ هود : 28 ] وتقدم أنّ مذهب سيبويه فيه وجوب الاتصال . وما أنتم له بخازنين أي : بقادرين على إيجاده ، تنبيهاً على عظيم قدرته ، وإظهار العجز . هم أي : لستم بقادرين عليه حين احتياجكم إليه . وقال سفيان : بخازنين أي بمانعين المطر . نحيـي : نخرجه من العدم الصرف إلى الحياة . ونميت : نزيل حياته . ونحن الوارثون الباقون بعد فناء الخلق . والمستقدمين قال ابن عباس والضحاك : الأموات ، والمستأخرين الأحياء . وقال قتادة وعكرمة وغيرهما : المستقدمين في الخلق والمستأخرين الذين لم يخلقوا بعد . وقال مجاهد : المستقدمين من الأمم والمستأخرين أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقال الحسن وقتادة أيضاً : في الطاعة والخير ، والمستأخرين بالمعصية والشر . وقال ابن جبير : في صفوف الحرب ، والمستأخرين فيها . وقيل : من قتل في الجهاد ، والمستأخرين من لم يقتل . وقيل : في صفوف الصلاة ، والمستأخرين بسبب النساء لينظروا إليهن . وقال قتادة أيضاً : السابقين إلى الإسلام والمتقاعسين عنه . والأولى حمل هذه الأقوال على التمثيل لا على الحصر ، والمعنى : أنه تعالى محيط علمه بمن تقدم وبمن تأخر وبأحوالهم ، ثم أعلم تعالى أنه يحشرهم . وقرأ الأعمش : يحشرهم بكسر الشين . وقال ابن عباس ومروان بن الحكم ، وأبو الحوراء : كانت تصلي وراء الرسول امرأة جميلة ، فبعض يتقدم لئلا تفتنه وبعض يتأخر ليسرق النظر إليها في الصلاة ، فنزلت الآية فيهم . وفصل هذه الآية بهاتين الصفتين من الحكمة والعلم في غاية المناسبة .