Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 22-23)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ زيد بن ثابت « ينشركم » ومثله قوله { فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأرْضِ } الجمعة 10 ، { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُون } الروم 20 فإن قلت كيف جعل الكون في الفلك غاية للتسيير في البحر ، والتسيير في البحر إنما هو بالكون في الفلك ؟ قلت لم يجعل الكون في الفلك غاية التسيير في البحر ، ولكن مضمون الجملة الشرطية الواقعة بعد « حتى » بما في حيّزها ، كأنه قيل يسيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثة وكان كيت وكيت من مجيء الريح العاصف وتراكم الأمواج والظنّ للهلاك والدعاء بالإنجاء . فإن قلت ما جواب « إذا » ؟ قلت جاءتها . فإن قلت فدعوا ؟ قلت بدل من ظنوا لأنّ دعاءهم من لوازم ظنهم الهلاك فهو ملتبس به . فإن قلت ما فائدة صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة ؟ قلت المبالغة ، كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإنكار والتقبيح . فإن قلت ما وجه قراءة أمّ الدرداء « في الفلكي » بزيادة ياء النسب ؟ قلت قيل هما زائدتان كما في الخارجي والأحمري . ويجوز أن يراد به اللجّ والماء الغمر الذي لا تجري الفلك إلاّ فيه . والضمير في { جرين } للفلك ، لأنه جمع فلك كالأسد ، في فعل أخي فعل . وفي قراءة أمّ الدرداء « للفلك » أيضاً لأنّ الفلكي يدلّ عليه { جَاءتْهَا } جاءت الريح الطيبة ، أي تلقتها . وقيل الضمير للفلك { من كُلّ مَّكَانَ } من جميع أمكنة الموج { أُحِيطَ بِهِمْ } أي أهلكواجعل إحاطة العدوّ بالحي مثلاً في الهلاك { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } من غير إشراك به لأنهم لا يدعون حينئذ غيره معه { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا } على إرادة القول . أو لأنّ { دَعَوُاْ } من جملة القول { يَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ } يفسدون فيها ويعبثون متراقين في ذلك ، ممعنين فيه ، من قولك بغى الجرح إذا ترامى إلى الفساد . فإن قلت فما معنى قوله { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } والبغي لا يكون بحق ؟ قلت بلى ، وهو استيلاء المسلمين على أرض الكفرة ، وهدم دورهم ، وإحراق زروعهم وقطع أشجارهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة . قرىء « متاع الحياة الدنيا » ، بالنصب فإن قلت ما الفرق بين القراءتين ؟ قلت إذا رفعت كان المتاع خبراً للمبتدإ الذي هو { بَغْيُكُمْ } و { عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } صلته ، كقوله { فبغى عَلَيْهِمْ } ومعناه إنما بغيكم على أمثالكم والذين جنسهم جنسكم يعني بغى بعضكم على بعض منفعة الحياة الدنيا لابقاء لها وإذا نصبت { فَعَلَىَّ أَنفُسَكُـمْ } خبر غير صلة معناه إنما بغيكم بال على أنفسكم ، و { متاع الحياة الدنيا } في موضع المصدر المؤكد ، كأنه قيل تتمتعون متاع الحياة الدنيا . ويجوز أن يكون الرفع على هو متاع الحياة الدنيا بعد تمام الكلام . وعن البني صلى الله عليه وسلم أنه قال 507 " لا تمكر ولا تعن ماكراً ، ولا تبغ ولا تعن باغياً ، ولا تنكث ولا تعن ناكثاً " وكان يتلوها . وعنه عليه الصلاة والسلام 508 " أسرع الخير ثواباً صلة الرحم ، وأعجل الشرّ عقاباً البغي واليمين الفاجرة " ، وروي 509 " ثنتان يعجلهما الله تعالى في الدنيا البغي وعقوق الوالدين " وعن ابن عباس رضي الله عنه 510 لو بغى جبل على جبل لدك الباغي . وكان المأمون يتمثل بهذين البيتين في أخيه @ يَا صَاحِبَ الْبَغْيِ إنَّ الْبَغْيَ مَصْرَعَة فَارْبَعْ فَخَيْرُ فِعَالِ الْمَرْءِ أَعْسَلُهُ فَلَوْ بَغَى جَبَلٌ يَوْماً عَلَى جَبَل لانْدَكَّ مِنْهُ أَعَالِيهِ وَأَسْفَلُهُ @@ وعن محمد بن كعب ثلاث من كنّ فيه كنّ عليه البغي والنكث والمكر . قال الله تعالى { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } .