Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 42-43)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت يتعالى الله عن السهو والغفلة ، فكيف يحسبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الناس به غافلاً حتى قيل { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً } ؟ قلت إن كان خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه وجهان . أحدهما التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلاً ، كقوله { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الأنعام 14 ، { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءاخَرَ } الشعراء 213 ، كما جاء في الأمر { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } النساء 136 والثاني أنّ المراد بالنهي عن حسبانه غافلاً ، الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون ، لا يخفى عليه منه شيء ، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } البقرة 283 يريد الوعيد . ويجوز أن يراد ولا تحسبنه يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون ، ولكن معاملة الرقيب عليهم ، المحاسب على النقير والقطمير ، وإن كان خطابا لغيره ممن يجوز أن يحسبه غافلاً ، لجهله بصفاته ، فلا سؤال فيه ، وعن ابن عيينة تسلية للمظلوم وتهديد للظالم ، فقيل له من قال هذا ؟ فغضب وقال إنما قاله من علمه وقرىء « يؤخرهم » بالنون والياء { تَشْخَصُ فِيهِ ٱلابْصَـٰرُ } أي أبصارهم لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى { مُهْطِعِينَ } مسرعين إلى الداعي . وقيل الإهطاع أن تقبل ببصرك على المرئي تديم النظر إليه لا تطرف { مُقْنِعِى رُؤُوسِهِمْ } رافعيها { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } لا يرجع إليهم أن يطرفوا بعيونهم ، أي لا يطرفون ، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان . أو لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم . الهواء الخلاء الذي لم تشغله الأجرام ، فوصف به فقيل قلب فلان هواء إذا كان جباناً لا قوّة في قلبه ولا جرأة . ويقال للأحمق أيضاً قلبه هواء . قال زهير @ مِنَ الظُّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ @@ لأنّ النعام مثل في الجبن والحمق . وقال حسان @ فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ @@ وعن ابن جريج { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوآءُ } صفر من الخير خاوية منه ، وقال أبو عبيدة جوف لا عقول لهم .