Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 50-51)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ } كلام مستأنف جار مجرى التقليل بعد استثناء إبليس من الساجدين ، كأن قائلاً قال ما له لم يسجد ؟ فقيل كان من الجن { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } والفاء للتسبيب أيضاً ، جعل كونه من الجن سبباً في فسقه لأنه لو كان ملكاً كسائر من سجد لآدم لم يفسق عن أمر الله ، لأنّ الملائكة معصومون البتة لا يجوز عليهم ما يجوز على الجن والإنس ، كما قال { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } الأنبياء 27 وهذا الكلام المعترض تعمد من الله تعالى لصيانة الملائكة عن وقوع شبهة في عصمتهم . فما أبعد البون بين ما تعمده الله ، وبين قول من ضادّه وزعم أنه كان ملكاً ورئيساً علىٰ الملائكة ، فعصى ، فلعن ومسخ شيطاناً ، ثم ورّكه على ابن عباس . ومعنى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } خرج عما أمره به ربه من السجود . قال @ فَوَاسِقاً عَنْ قَصْدِهَا جَوَائِرَا @@ أو صار فاسقاً كافراً بسبب أمر ربه الذي هو قوله { ٱسْجُدُواْ لآدَمَ } . { أَفَتَتَّخِذُونَهُ } الهمزة للإنكار والتعجيب ، كأنه قيل أعقيب ما وجد منه تتخذونه { وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِى } وتستبدلونهم بي ، بئس البدل من الله إبليس لمن استبدله ، فأطاعه بدل طاعته { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ } وقرىء « ما أشهدناهم » ، يعني أنكم اتخذتموهم شركاء لي في العبادة ، وإنما كانوا يكونون شركاء فيها لو كانوا شركاء في الإلهية ، فنفى مشاركتهم في الإلٰهية بقوله { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } لأعتضد بهم في خلقها { وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ } أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } النساء 29 . { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلّينَ } بمعنى وما كنت متخذهم { عَضُداً } أي أعواناً ، فوضع المضلين موضع الضمير ذمّاً لهم بالإضلال ، فإذا لم يكونوا عضداً لي في الخلق ، فما لكم تتخذونهم شركاء لي في العبادة ؟ وقرىء « وما كُنْتَ » بالفتح الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى وما صحّ لك الاعتضاد بهم ، وما ينبغي لك أن تعتز بهم . وقرأ علي رضي الله عنه « وما كنت متخذاً المضلين » بالتنوين على الأصل . وقرأ الحسن « عضدا » بسكون الضاد ، ونقل ضمتها إلى العين . وقرىء « عُضْداً » بالفتح وسكون الضاد . و « عُضُدا » بضمتين و « عَضَداً » بفتحتين جمع عاضد ، كخادم وخدم ، وراصد ورصد ، ومن عضده إذا قواه وأعانه .