Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 34-36)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
السجود لله تعالى على سبيل العبادة ، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم ، وأبو يوسف وإخوته له ؟ ويجوز أن تختلف الأحوال والأوقات فيه . وقرأ أبو جعفر « للملائكةُ اسجدوا » بضم التاء للاتباع . ولا يجوز استهلاك الحركة الإعرابية بحركة الاتباع إلا في لغة ضعيفة ، كقولهم « الحمد لله » . { إِلاَّ إِبْلِيسَ } استثناء متصل ، لأنه كان جنّيّاً واحداً بين أظهر الألوف من الملائكة مغموراً بهم ، فغلبوا عليه في قوله { فَسَجَدُواْ } ثم استثنى منهم استثناء واحد منهم . ويجوز أن يجعل منقطعاً { أَبَىٰ } امتنع مما أمر به { وَٱسْتَكْبَرَ } عنه { وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } من جنس كفرة الجن وشياطينهم ، فلذلك أبى واستكبر كقوله { كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } الكهف 50 . السكنى من السكون لأنها نوع من اللبث والاستقرار . و { أَنتَ } تأكيد للمستكن في { ٱسْكُنْ } ليصح العطف عليه . و { رَغَدًا } وصف للمصدر ، أي أكلا رغداً واسعاً رافهاً . و { حَيْثُ } للمكان المبهم ، أي أيّ مكان من الجنة { شِئْتُمَا } أطلق لهما الأكل من الجنة على وجه التوسعة البالغة المزيحة للعلة ، حين لم يحظر عليهما بعض الأكل ولا بعض المواضع الجامعة للمأكولات من الجنة ، حتى لا يبقى لهما عذر في التناول من شجرة واحدة بين أشجارها الفائتة للحصر ، وكانت الشجرة فيما قيل الحنطة أو الكرمة أو التينة ، وقرىء « ولا تِقربا » بكسر التاء . وهذي ، والشِّجرة ، بكسر الشين . والشيرة بكسر الشين والياء . وعن أبي عمرو أنه كرهها ، وقال يقرأ بها برابرة مكة وسودانها . { مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية الله { فَتَكُونَا } جزم عطف على { تَقْرَبَا } أو نصب جواب للنهى . الضمير في { عَنْهَا } للشجرة . أي فحملهما الشيطان على الزلة بسببها . وتحقيقه فأصدر الشيطان زلتهما عنها . و عن هذه ، مثلها في قوله تعالى { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى } الكهف 82 . وقولهيَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وعَنْ شُرْبِ وقيل فأزلهما عن الجنة بمعنى أذهبهما عنها وأبعدهما ، كما تقول زلّ عن مرتبته . وزل عنى ذاك إذا ذهب عنك وزل من الشهر كذا . وقرىء « فأزالهما » { مِمَّا كَانَا فِيهِ } من النعيم والكرامة . أو من الجنة إن كان الضمير للشجرة في عنها . وقرأ عبد الله « فوسوس لهما الشيطان عنها » ، وهذا دليل على أن الضمير للشجرة ، لأن المعنى صدرت وسوسته عنها ، فإن قلت كيف توصل إلى إزلالهما ووسوسته لهما بعدما قيل له { فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } ص 77 . قلت يجوز أن يمنع دخولها على جهة التقريب والتكرمة كدخول الملائكة ، ولا يمنع أن يدخل على جهة الوسوسة ابتلاء لآدم وحواء . وقيل كان يدنو من السماء فيكلمهما . وقيل قام عند الباب فنادى . وروى أنه أراد الدخول فمنعته الخزنة ، فدخل في فم الحية حتى دخلت به وهم لا يشعرون . قيل { ٱهْبِطُواْ } خطاب لآدم وحواء وإبليس وقيل والحية . والصحيح أنه لآدم وحواء والمراد هما وذريتهما ، لأنهما لما كانا أصل الإنس ومتشعبهم جعلا كأنهما الإنس كلهم . والدليل عليه قوله { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } طه 123 ويدل على ذلك قوله { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } . وما هو إلا حكم يعم الناس كلهم . ومعنى بعضكم لبعض { لِبَعْضٍ } ما عليه الناس من التعادي والتباغي وتضليل بعضهم لبعض . والهبوط النزول إلى الأرض . { مُسْتَقَرٌّ } موضع استقرار أو استقرار { وَمَتَـٰعٌ } وتمتع بالعيش { إِلَىٰ حِينٍ } يريد إلى يوم القيامة . وقيل إلى الموت .