Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 2-3)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرّر إعراضهم عن تنبيه المنبه وإيقاظ الموقظ بأنّ الله يجدّد لهم الذكر وقتاً فوقتاً ، ويحدث لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ، ليكرّر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون ، فما يزيدهم استماع الآي والسور وما فيها من فنون المواعظ والبصائر - التي هي أحق الحق وأجدّ الجدّ - إلا لعباً وتلهياً واستسخاراً والذكر هو الطائفة النازلة من القرآن . وقرأ ابن أبي عبلة { مُّحْدَثٍ } بالرفع صفة على المحل . قوله { وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } حالان مترادفتان أو متداخلتان ومن قرأ { لاَهِيَةً } بالرفع فالحال واحدة ، لأن { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } خبر بعد خبر ، لقوله { وَهُمْ } واللاهية من لها عنه إذا ذهل وغفل ، يعني أنهم وإن فطنوا فهم في قلة جدوى فطنتهم كأنهم لم يفطنوا أصلاً ، وثبتوا على رأس غفلتهم ، وذهولهم عن التأمّل والتبصر بقلوبهم وأسروا النجوى فإن قلت النجوى وهي اسم من التناجي لا تكون إلا خفية ، فما معنى قوله { وَأَسَرُّواْ } ؟ قلت معناه وبالغوا في إخفائها . أو جعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم ولا يعلم أنهم متناجون ، أبدل { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } من واو وأسرّوا ، إشعاراً بأنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسرّوا به . أو جاء على لغة من قال « أكلوني البراغيث » أو هو منصوب المحل على الذم . أو هو مبتدأ خبره { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } قدّم عليه . والمعنى وهؤلاء أسروا النجوى . فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلاً على فعلهم بأنه ظلم { هَلْ هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } هذا الكلام كله في محل النصب بدلاً من النجوى ، أي وأسروا هذا الحديث . ويجوز أن يتعلق بقالوا مضمراً اعتقدوا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا ملكاً ، وأن كل من ادّعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة هو ساحر ومعجزته سحر ، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر . فإن قلت لم أسروا هذا الحديث وبالغوا في إخفائه ؟ قلت كان ذلك شبه التشاور فيما بينهم ، والتحاور في طلب الطريق إلى هدم أمره ، وعمل المنصوبة في التثبيط عنه وعادة المتشاورين في خطب أن لا يشركوا أعداءهم في شوراهم ، ويتجاهدوا في طيّ سرّهم عنهم ما أمكن واستطيع . ومنه قول الناس 692 " استعينوا على حوائجكم بالكتمان " وَيُرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن يسرّوا نجواهم بذلك ثم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إن كان ما تدعونه حقاً فأخبرونا بما أسررنا .