Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الحسن { مّنَ ٱلْبَعْثِ } بالتحريك ونظيره الجلب والطرد ، في الجلب والطرد ، كأنه قيل إن ارتبتم في البعث فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم . والعلقة قطعة الدم الجامدة . والمضغة اللحمة الصغيرة قدر ما يمضغ . والمخلقة المسواة الملساء من النقصان والعيب . يقال خلق السواك والعود ، إذا سواه وملسه ، من قولهم صخرة خلقاء ، وإذا كانت ملساء ، كأنّ الله تعالى يخلق المضغ متفاوتة منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب ، ومنها ما هو على عكس ذلك فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس في خلقهم وصورهم وطولهم وقصرهم ، وتمامهم ونقصانهم . وإنما نقلناكم من حال إلى حال ومن خلقة إلى خلقة { لّنُبَيّنَ لَكُمْ } بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا وأن من قدر على خلق البشر من تراب أولاً ، ثم من نطفة ثانياً ولا تناسب بين الماء والتراب وقدر على أن يجعل النطفة علقة وبينهما تباين ظاهر ، ثم يجعل العلقة مضغة والمضغة عظاماً قدر على إعادة ما أبدأه ، بل هذا أدخل في القدرة من تلك ، وأهون في القياس . وورود الفعل غير معدي إلى المبين إعلام بأن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه ما لا يكتنهه الذكر ولا يحيط به الوصف وقرأ ابن أبي عبلة ليبين لكم . ويقرّ ، بالياء وقرىء « ونقرّ » ونخرجكم ، بالنون والنصب ويقرّ ، ويخرجكم ، ويقرّ ، ويخرجكم بالنصب والرفع . وعن يعقوب نَقُرُّ بالنون وضم القاف ، من قرّ الماء إذا صبه فالقراءة بالرفع إخبار بأنه يقُرّ { فِى ٱلأَرْحَامِ مَا يَشَاء } أن يقرّه من ذلك { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو وقت الوضع آخر ستة أشهر ، أو تسعة ، أو سنتين ، أو أربع ، أو كما شاء وقدّر . وما لم يشأ إقراره محته الأرحام أو أسقطته . والقراءة بالنصب تعليل معطوف على تعليل . ومعناه خلقناكم مدرجين هذا التدريج لغرضين ، أحدهما أن نبين قدرتنا . والثاني أن نقرّ في الأرحام من نقرّ ، حتى يولدوا وينشؤا ويبلغوا حد التكليف فأكلفهم . ويعضد هذه القراءة قوله { ثُمَّ لِتَـبْلُغُواْ أَشُدَّكُـمْ } وحده لأن الغرض الدلالة عل الجنس . ويحتمل نخرج كل واحد منكم طفلاً . الأشد كمال القوة والعقل والتمييز ، وهو من ألفاظ الجموع التي لم يستعمل لها واحد كالأسدّة والقتود والأباطيل وغير ذلك ، وكأنها شدّة في غير شيء واحد ، فبنيت لذلك على لفظ الجمع . وقرىء « ومنكم من يتوفى » أي يتوفاه الله { أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } الهرم والخرف ، حتى يعود كهيئته الأولى في أوان طفولته ضعيف البنية ، سخيف العقل ، قليل الفهم ، بين أنه كما قدر على أن يرقيه في درجات الزيادة حتى يبلغه حد التمام ، فهو قادر على أن يحطه حتى ينتهي به إلى الحالة السفلى { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } أي ليصير نسَّاء بحيث إذ كسب علماً في شيء لم ينشب إن ينساه ويزل عنه علمه حتى يسأل عنه من ساعته ، يقول لك من هذا ؟ فتقول فلان ، فما يلبث لحظة إلا سألك عنه . وقرأ أبو عمرو العمر ، بسكون الميم . الهامدة الميتة اليابسة . وهذه دلالة ثانية على البعث ، ولظهورها وكونها مشاهدة معاينة ، كررها الله في كتابه { ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } تحرّكت بالنبات وانتفخت ، وقرىء « ربأت » ، أي ارتفعت . البهيج الحسن السارّ للناظر إليه .