Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 26-30)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في نصرته إهلاكهم ، فكأنه قال أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي ، أو انصرني بدل ما كذبوني ، كما تقول هذا بذاك ، أي بدل ذاك ومكانه . والمعنى أبدلني من غمّ تكذيبهم ، سلوة النصرة عليهم ، أو انصرني بإنجاز ما وعدتهم من العذاب ، وهو ما كذبوه فيه حين قال لهم { إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } الأعراف 59 ، الشعراء 135 ، الأحقاف 21 . { بِأَعْيُنِنَا } بحفظنا وكلاءتنا ، كأن معه من الله حفاظاً يكلؤونه بعيونهم ، لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه مفسد عمله . ومنه قولهم عليه من الله عين كالئة { وَوَحْيِنَا } أي نأمرك كيف تصنع ونعلمك . روي أنه أوحى إليه أن يصنعها على مثال جؤجؤ الطائر . روي أنه قيل لنوح عليه السلام إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة ، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب . وقيل كان تنور آدم عليه السلام ، وكان من حجارة ، فصار إلى نوح . واختلف في مكانه ، فعن الشعبي في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة ، وكان نوح عمل السفينة وسط المسجد . وقيل بالشام بموضع يقال له عين وردة . وقيل بالهند . وعن ابن عباس رضي الله عنه التنور وجه الأرض . وعن قتادة أشرف موضع في الأرض ، أي أعلاه . وعن علي رضي الله عنه فار التنور طلع الفجر . وقيل معناه أن فوران التنور كان عند تنوير الفجر . وقيل هو مثل كقولهم حمي الوطيس . والقول هو الأوّل . يقال سلك فيه دخله . وسلك غيره ، وأسلكه . قال @ حَتَّى إذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قَتَائِدِهِ @@ { مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ } من كلّ أمتي زوجين ، وهما أَمة الذكر وأمّة الأنثى ، كالجمال ، والنوق ، والحصن والرماك { ٱثْنَيْنِ } واحدين مزدوجين ، كالجمل والناقة ، والحصان والرمكة روي أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض . وقرىء « من كل » بالتنوين ، أي من كل أمّة زوجين . واثنين تأكيد وزيادة بيان . جيء بعلى مع سبق الضارّ ، كما جيء باللام مع سبق النافع . قال الله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } الأنبياء 101 ، { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } الصافات 171 ، ونحو قوله تعالى { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } البقرة 286 وقول عمر رضي الله عنه ليتها كانت كفافاً ، لا عليَّ ولا لي . فإن قلت لم نهاه عن الدعاء لهم بالنجاة ؟ قلت لما تضمنته الآية من كونهم ظالمين ، وإيجاب الحكمة أن يغرقوا لا محالة ، لما عرف من المصلحة في إغراقهم ، والمفسدة في استبقائهم ، وبعد أن أملى لهم الدهر المتطاول فلم يزيدوا إلا ضلالاً ، ولزمتهم الحجّة البالغة لم يبق إلا أن يجعلوه عبرة للمعتبرين . ولقد بالغ في ذلك حيث أتبع النهي عنه ، الأمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم ، كقوله { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الأنعام 45 ، ثم أمره أن يدعوه بدعاء هو أهم وأنفع له ، وهو طلب أن ينزله في السفينة أو في الأرض عند خروجه منها ، منزلاً يبارك له فيه ويعطيه الزيادة في خير الدارين ، وأن يشفع الدعاء بالثناء عليه المطابق لمسألته ، وهو قوله { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } . فإن قلت هلا قيل فقولوا لقوله { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } لأنه في معنى فإذا استويتم ؟ قلت لأنه نبيهم وإمامهم ، فكان قوله قولهم ، مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوّة وإظهار كبرياء الربوبية ، وأن رتبة تلك المخاطبة لا يترقى إليها إلا ملك أو نبيّ . وقرىء « منزلاً » بمعنى إنزالاً ، أو موضع إنزال ، كقوله { ليدخلهم مدخلاً يرضونه } . { إِن } هي المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بين النافية وبينها في المعنى ، وإن الشأن والقصة { كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } أي مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد . أو مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويذّكر ، كقوله تعالى { وَلَقَدْ تَّرَكْنَـٰهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر 15