Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 67-67)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرىء « يقتروا » بكسر التاء وضمها . و « يقتروا » ، بتخفيف التاء وتشديدها . والقتر والإقتار والتقتير التضييق الذي هو نقيض الإسراف . والإسراف مجاوزة الحدّ في النفقة . ووصفهم بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير . وبمثله أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ } الإسراء 29 وقيل الإسراف إنما هو الإنفاق في المعاصي ، فأما في القرب فلا إسراف . وسمع رجل رجلاً يقول لا خير في الإسراف . فقال لا إسراف في الخير ، وعن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه شكر عبد الملك بن مروان حين زوّجه ابنته وأحسن إليه ، فقال وصلت الرحم وفعلت وصنعت ، وجاء بكلام حسن ، فقال ابن لعبد الملك إنما هو كلام أعدّه لهذا المقام ، فسكت عبدالملك فلما كان بعد أيام دخل عليه والابن حاضر ، فسأله عن نفقته وأحواله فقال الحسنة بين السيئتين ، فعرف عبد الملك أنه أراد ما في هذه الآية فقال لابنه يا بنيّ ، أهذا مما أعدّه ؟ وقيل أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا لايأكلون طعاماً للتنعم واللذة ، ولا يلبسون ثوباً للجمال والزينة ، ولكن كانوا يأكلون ما يسدّ جوعتهم ويعينهم على عبادة ربهم ، ويلبسون ما يستر عوراتهم ويكنهم من الحرّ والقرّ ، وقال عمر رضي الله عنه كفى سرفاً أن لا يشتهي رجل شيئاً إلاّ اشتراه فأكله . والقوام العدل بين الشيئين لاستقامة الطرفين واعتدالهما . ونظير القوام من الاستقامة السواء من الاستواء . وقرىء « قواماً » بالكسر ، وهو ما يقام به الشيء . يقال أنت قوامنا ، بمعنى ما تقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص ، والمنصوبان أعني { بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } جائز أن يكونا خبرين معاً ، وأن يحتمل بين ذلك لغواً ، وقواماً مستقراً . وأن يكون الظرف خبراً ، وقواماً حالاً مؤكدة . وأجاز الفراء أن يكون { بَيْنَ ذٰلِكَ } اسم كان ، على أنه مبني لإضافته إلى غير متمكن ، كقوله @ لَمْ يَمْنَعِ الشّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ @@ وهو من جهة الإعراب لا بأس به ، ولكن المعنى ليس بقوي لأنّ ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة ، فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة .