Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 221-223)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كُلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } هم الكهنة والمتنبئة ، كشقّ ، وسطيح ، ومسيلمة ، وطليحة { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ } هم الشياطين ، كانوا قبل أن يحجبوا بالرجم يسمعون إلى الملإ الأعلى فيختطفون بعض ما يتكلمون به مما أطلعوا عليه من الغيوب ، ثم يوحون به إلى أوليائهم من أولئك { وَأَكْثَرُهُمْ كَـٰذِبُونَ } فيما يوحون به إليهم لأنهم يسمعونهم ما لم يسمعوا . وقيل يلقون إلى أوليائهم السمع أي المسموع من الملائكة . وقيل الأفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون وحيهم إليهم . أو يلقون المسموع من الشياطين إلى الناس ، وأكثر الأفاكين كاذبون يفترون على الشياطين ما لم يوحوا إليهم ، وترى أكثر ما يحكمون به باطلاً وزوراً . وفي الحديث 790 " الكلمةُ يخطفُها الجنيُّ فيقرّها في أذنِ وليهِ فيزيدُ فيها أكثر من مائةِ كذبةٍ " والقرّ الصبّ . فإن قلت كيف دخل حرف الجرّ على « من » المتضمنة لمعنى الاستفهام والاستفهام له صدر الكلام ؟ ألا ترى إلى قولك أعلى زيد مررت ؟ ولا تقول على أزيد مررت ؟ قلت ليس معنى التضمن أن الاسم دل على معنيين معاً معنى الاسم ، ومعنى الحرف . وإنما معناه أن الأصل أمن ، فحذف حرف الاستفهام واستمرّ الاستعمال على حذفه ، كما حذف من « هل » والأصل أهل . قال @ أَهَلْ رَأَوْنَا بِسَفْحِ الْقَاعِ ذِي الأَكَمِ @@ فإذا أدخلت حرف الجرّ على « من » فقدّر الهمزة قبل حرف الجرّ في ضميرك ، كأنك تقول أعلى من تنزّل الشياطين ، كقولك أعلى زيد مررت . فإن قلت { يُلْقُونَ } ما محله ؟ قلت يجوز أن يكون في محل النصب على الحال ، أي تنزل ملقين السمع ، وفي محل الجرّ صفة لكل أفاك لأنه في معنى الجمع ، وأن لا يكون له محل بأن يستأنف ، كأن قائلاً قال لم تنزل على الأفاكين ؟ فقيل يفعلون كيت وكيت . فإن قلت كيف قيل { وَأَكْثَرُهُمْ كَـٰذِبُونَ } بعد ما قضى عليهم أن كل واحد منهم أفاك ؟ قلت الأفاكون هم الذين يكثرون الإفك ، ولا يدل ذلك على أنهم لا ينطقون إلا بالإفك ، فأراد أن هؤلاء الأفاكين قلّ من يصدق منهم فيما يحكي عن الجني وأكثرهم مفتر عليه . فإن قلت { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الشعراء 192 ، { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَـٰطِينُ } الشعراء 210 ، { هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَـٰطِينُ } لم فرق بينهنّ وهنّ أخوات ؟ قلت أريد التفريق بينهنّ بآيات ليست في معناهنّ ، ليرجع إلى المجيء بهنّ وتطرية ذكر ما فيهنّ كرّة بعد كرّة فيدل بذلك على أن المعنى الذي نزلن فيه من المعاني التي اشتدت كراهة الله لخلافها . ومثاله أن يحدّث الرجل بحديث وفي صدره اهتمام بشيء منه وفضل عناية ، فتراه يعيد ذكره ولا ينفك عن الرجوع إليه .