Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 83-89)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحكم الحكمة ، أو الحكم بين الناس بالحق . وقيل النبوّة لأنّ النبي ذو حكمة وذو حكم بين عباد الله . والإلحاق بالصالحين أن يوفقه لعمل ينتظم به في جملتهم ، أو يجمع بينه وبينهم في الجنة . ولقد أجابه حيث قال { وَإِنَّهُ فِى ٱلاْخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } البقرة 130 ، النحل 122 ، العنكبوت 27 . والإخزاء من الخزي وهو الهوان . ومن الخزاية وهي الحياء . وهذا أيضاً من نحو استغفارهم مما علموا أنه مغفور وفي { يُبْعَثُونَ } ضمير العباد ، لأنه معلوم . أو ضمير الضالين . وأن يجعل من جملة الاستغفار لأبيه ، يعني ولا تخزني يوم يبعث الضالون وأبي فيهم { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ } إلا حال من أتى الله { بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } وهو من قولهم @ تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ @@ وما ثوابه إلا السيف . وبيانه أن يقال لك هل لزيد مال وبنون ؟ فتقول ماله وبنوه سلامة قلبه ، تريد نفي المال والبنين عنه ، وإثبات سلامة القلب له بدلاً عن ذلك . وإن شئت حملت الكلام على المعنى وجعلت المال والبنين في معنى الغنى ، كأنه قيل يوم لا ينفع غنى إلا غني من أتى الله بقلب سليم لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه ، كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه . ولك أن تجعل الاستثناء منقطعاً . ولا بدّ لك مع ذلك من تقدير المضاف وهو الحال ، والمراد بها سلامة القلب ، وليست هي من جنس المال والبنين ، حتى يؤول المعنى إلى أن المال والبنين لا ينفعان ، وإنما ينفع سلامة القلب . ولو لم يقدر المضاف ، لم يتحصل للاستثناء معنى . وقد جعل { مِن } مفعولاً لينفع ، أي لا ينفع مال ولا بنون ، إلا رجلاً سلم قلبه مع ماله حيث أنفقه في طاعة الله ، ومع بنيه حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع . ويجوز على هذا { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } من فتنة المال والبنين . ومعنى سلامة القلب سلامته من آفات الكفر والمعاصي ، ومما أكرم الله تعالى به خليله ونبه على جلالة محله في الإخلاص أن حكى استثناءه هذا حكاية راض بإصابته فيه . ثم جعله صفة له في قوله { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرٰهِيمَ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } الصافات 84 ومن بدع التفاسير تفسير بعضهم السليم باللديغ من خشية الله . وقول آخر هو الذي سلم وسلم وأسلم وسالم واستسلم . وما أحسن ما رتب إبراهيم عليه السلام كلامه مع المشركين ، حين سألهم أوّلاً عما يعبدون سؤال مقرّر لا مستفهم ، ثم أنحى على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع على تقليدهم آباءهم الأقدمين ، فكسره وأخرجه من أن يكون شبهة فضلاً أن يكون حجة ، ثم صوّر المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله عز وعلا ، فعظم شأنه وعدّد نعمته ، من لدن خلقه وإنشائه إلى حين وفاته ، مع ما يرجى في الآخرة من رحمته ، ثم أتبع ذلك أن دعاه بدعوات المخلصين ، وابتهل إليه ابتهال الأوّابين ، ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع إليه المشركون يومئذٍ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال وتمني الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا .