Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 29-32)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

814 سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الأجلَينِ قضَى موسَى ؟ فقال " أبعدهما وأبطأهما " وروي أنه قال 815 " قَضى أوفَاهُما ، وتزوّج صغرَاهُما " وهذا خلاف الرواية التي سبقت . الجذوة ــ باللغات الثلاث . وقرىء بهنّ جميعاً العود الغليظ ، كانت في رأسه نار أو لم تكن ، قال كُثَيِّرُ @ بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا جَزْلَ الْجُذَى غَيْرَ خَوَّارٍ وَلاَ دَعِرِ @@ وقال @ وَأَلْقَى عَلَى قَبْشٍ مِنَ النَّارِ جَذْوَةً شَدِيداً عَلَيْهِ حَرُّهَا وَالْتِهَابُهَا @@ { مِن } الأولى والثانية لابتداء الغاية ، أي أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة . و { مِنَ ٱلشَّجَرَةِ } بدل من قوله من شاطىء الوادي ، بدل الاشتمال لأنّ الشجرة كانت نابتة على الشاطىء ، كقوله تعالى { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ } الزخرف 33 وقرىء { ٱلْبُقْعَةِ } بالضم والفتح . و { ٱلرَّهْبِ } بفتحتين ، وضمتين ، وفتح وسكون ، وضم وسكون وهو الخوف . فإن قلت ما معنى قوله { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ } ؟ قلت فيه معنيان ، أحدهما أنّ موسى عليه السلام لما قلب الله العصا حية فزع واضطرب ، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء ، فقيل له إنّ إتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء . فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية ، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران اجتناب ما هو غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخرى . والمراد بالجناح اليد لأنّ يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر . وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى ، فقد ضمّ جناحه إليه . والثاني أن يراد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه . وتشدّده عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما . وإلا فجناحاه مضمومتان إليه مشمران . ومنه ما يحكى عن عمر بن عبد العزيز أنّ كاتباً له كان يكتب بين يديه ، فانفلتت منه فلتة ريح ، فخجل وانكسر ، فقام وضرب بقلمه الأرض ، فقال له عمر خذ قلمك ، واضمم إليك جناحك ، وليفرخ روعك ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي . ومعنى قوله من الرهب من أجل الرهب ، أي إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك جعل الرهب الذي كان يصيبه سبباً وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعنى { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } ، وقوله { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ } على أحد التفسيرين واحد . ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرّر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني إخفاء الرهب . فإن قلت قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموماً وفي الآخر مضموماً إليه ، وذلك قوله { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } وقوله { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } طه 22 فما التوفيق بينهما ؟ قلت المراد بالجناح المضموم . هو اليد اليمنى ، وبالمضموم إليه اليد اليسرى وكلّ واحدة من يمنى اليدين ويسراهما جناح . ومن بدع التفاسير أنّ الرهب الكم ، بلغة حمير وأنهم يقولون أعطني مما في رهبك ، وليت شعري كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية ؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل ؟ على أن موسى عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها { فَذَانِكَ } قرىء مخففاً ومشدّداً ، فالمخفف مثنى ذاك . والمشدّد مثنى ذلك ، { بُرْهَٰنَانِ } حجتان بينتان نيرتان . فإن قلت لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء . برهرهة ، بتكرير العين واللام معا . والدليل على زيادة النون قولهم أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان . ونظيره تسميتهم إياها سلطاناً من السليط وهو الزيت ، لإنارتها .