Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 192-194)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } فقد أبلغت في إخزائه . وهو نظير قوله فقد فاز . ونحوه في كلامهم من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك ، ومن سبق فلاناً فقد سبق { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ } اللام إشارة إلى من يدخل النار وإعلام بأنّ من يدخل النار فلا ناصر له بشفاعة ولا غيرها . تقول سمعت رجلاً يقول كذا ، وسمعت زيداً يتكلم ، فتوقع الفعل على الرجل وتحذف المسموع ، لأنك وصفته بما يسمع أو جعلته حالاً عنه فأغناك عن ذكره ، ولولا الوصف أو الحال لم يكن منه بد ، وأن يقال سمعت كلام فلان أو قوله . فإن قلت فأيّ فائدة في الجمع بين المنادي وينادي ؟ قلت ذكر النداء مطلقاً ثم مقيداً بالإيمان تفخيما لشأن المنادي لأنه لا منادي أعظم من مناد ينادي للإيمان . ونحوه قولك مررت بهاد يهدي للإسلام . وذلك أنّ المنادي إذا أطلق ذهب الوهم إلى مناد للحرب ، أو لإطفاء النائرة ، أو لإغاثة المكروب ، أو لكفاية بعض النوازل ، أو لبعض المنافع ، وكذلك الهادي قد يطلق على من يهدي للطريق ويهدي لسداد الرأي وغير ذلك فإذا قلت ينادي للإيمان ويهدي للإسلام فقد رفعت من شأن المنادي والهادي وفخمته . ويقال دعاه لكذا وإلى كذا ، وندبه له وإليه ، وناداه له وإليه . ونحوه هداه للطريق وإليه ، وذلك أن معنى انتهاء الغاية ومعنى الاختصاص واقعان جميعاً ، والمنادي هو الرسول { ٱدْعُواْ إِلَى ٱللَّهِ } يوسف 108 ، و { ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبّكَ } النحل 125 . وعن محمد بن كعب القرآن . { أَنْ ءَامِنُواْ } أي آمنوا ، أو بأن آمنوا { ذُنُوبَنَا } كبائرنا { سَيّئَـٰتِنَا } صغائرنا { مَعَ ٱلاْبْرَارِ } مخصوصين بصحبتهم ، معدودين في جملتهم . والأبرار جمع برّ أو بارّ ، كرب وأرباب ، وصاحب وأصحاب { عَلَىٰ رُسُلِكَ } على هذه صلة للوعد ، كما في قولك وعد الله الجنة على الطاعة . والمعنى ما وعدتنا على تصديق رسلك . ألا تراه كيف أتبع ذكر المنادي للإيمان وهو الرسول وقوله آمنا وهو التصديق ويجوزأن يكون متعلقاً بمحذوف ، أي ما وعدتنا منزلاً على رسلك ، أو محمولاً على رسلك ، لأن الرسل محملون ذلك { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ } النور 54 وقيل على ألسنة رسلك . والموعود هو الثواب . وقيل النصرة على الأعداء . فإن قلت كيف دعوا الله بإنجاز ما وعد الله لا يخلف الميعاد ؟ قلت معناه طلب التوفيق فيما يحفظ عليهم أسباب إنجاز الميعاد أو هو باب من اللجأ إلى الله والخضوع له ، كما كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يستغفرون مع علمهم أنهم مغفور لهم ، يقصدون بذلك التذلل لربهم والتضرع إليه ، واللجأ الذي هو سيما العبودية .