Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 79-80)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ } تكذيب لمن اعتقد عبادة عيسى . وقيل 176 " إنّ أبا رافع القرظي والسيد من نصارى نجران قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا ؟ فقال معاذ الله أن نعبد غير الله ، أو أن نأمر بعبادة غير الله فما بذلك بعثني ، ولا بذلك أمرني فنزلت " وقيل 177 قال رجل يا رسول الله ، نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك ؟ قال لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله { وَٱلْحُكْمَ } والحكمة وهي السنة { وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيّينَ } ولكن يقول كونوا . والربانيّ منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون كما يقال رقباني ولحياني ، وهو الشديد التمسك بدين الله وطاعته . وعن محمد ابن الحنفية أنه قال حين مات ابن عباس اليوم مات ربانيّ هذه الأمّة . وعن الحسن ربانيين علماء فقهاء . وقيل علماء معلمين . وكانوا يقولون الشارع الرباني العالم العامل المعلم { بِمَا كُنتُمْ } بسبب كونكم عالمين وبسبب كونكم دارسين للعلم أوجب أن تكون الربانية التي هي قوّة التمسك بطاعة الله مسببة عن العلم والدراسة ، وكفى به دليلاً على خيبة سعي من جهد نفسه وكدّ روحه في جمع العلم ، ثم لم يجعله ذريعة إلى العمل ، فكان مثله مثل من غرس شجرة حسناء تونقه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها وقرىء « تعلمون » ، من التعليم . « وتعلمون » من التعلم { تَدْرُسُونَ } تقرؤن . وقرىء « تدرسون » ، من التدريس . وتدرسون على أن أدرس بمعنى درّس كأكرم وكرّم وأنزل ونزَّل . « وتدرّسون » ، من التدرّس . ويجوز أن يكون معناه ومعنى تدرسون بالتخفيف تدرسونه على الناس كقوله { لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ } الإسراء 106 فيكون معناهما معنى تدرسون من التدريس . وفيه أن من علم ودرس العلم ولم يعمل به فليس من الله في شيء ، وأن السبب بينه وبين ربه منقطع ، حيث لم يثبت النسبة إليه إلا للمتمسكين بطاعته . وقرىء « ولا يأمرَكم » بالنصب عطفاً على { ثُمَّ يَقُولَ } وفيه وجهان أحدهما أن تجعل « لا » مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله { مَا كَانَ لِبَشَرٍ } والمعنى ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد ، ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم { أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ وَٱلنَّبِيّيْنَ أَرْبَابًا } كما تقول ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي . والثاني أن تجعل « لا » غير مزيدة . والمعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى قريشاً عن عبادة الملائكة ، واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح . فلما قالوا له أنتخذك رباً ؟ قيل لهم ما كان لبشر أن يستنبئه الله ، ثم يأمر الناس بعبادته وينهاكم عن عبادة الملائكة والأنبياء . والقراءة بالرفع على ابتداء الكلام أظهر ، وتنصرها قراءة عبد الله « ولن يأمركم » . والضمير في { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ } و { أَيَأْمُرُكُم } لبشر . وقيل اللـه ، والهمزة في أيأمركم للإنكار { بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ } دليل على أن المخاطبين كانوا مسلمين ، وهم الذين أستأذنوه أن يسجدوا له .