Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 81-83)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مِيثَـٰقَ ٱلنَّبِيّيْنَ } فيه غير وجه أحدها أن يكون على ظاهره من أخذ الميثاق على النبيين بذلك . والثاني أن يضيف الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الموثق لا إلى الموثق عليه ، كما تقول ميثاق الله وعهد الله ، كأنه قيل وإذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم ، والثالث أن يراد ميثاق أولاد النبيين وهم بنو إسرائيل على حذف المضاف . والرابع أن يراد أهل الكتاب وأن يرد على زعمهم تهكماً بهم ، لأنهم كانوا يقولون نحن أولى بالنبوة من محمد لأنا أهل الكتاب ومنا كان النبيون . وتدل عليه قراءة أبيّ وابن مسعود « وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب » واللام في { لَمَا ءاتَيْتُكُم } لام التوطئة لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف وفي لتؤمنن لام جواب القسم ، و « ما » يحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط ، ولتؤمنن سادّ مسدّجواب القسم والشرط جميعاً وأن تكون موصولة بمعنى للذي آتيتكموه لتؤمنن به . وقريء « لما آتيناكم » وقرأ حمزة « لما آتيتكم » . بكسر اللام ومعناه لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به . على أن « ما » مصدرية ، والفعلان معها أعني « آتيتكم » و « جاءكم » في معنى المصدرين ، واللام داخلة للتعليل على معنى أخذ الله ميثاقهم لتؤمنن بالرسول ولتنصرنه ، لأجل أني آتيتكم الحكمة ، وأن الرسول الذي آمركم بالإيمان به ونصرته موافق لكم غير مخالف . ويجوز أن تكون « ما » موصولة . فإن قلت كيف يجوز ذلك والعطف على آتيتكم وهو قوله { ثُمَّ جَاءكُمْ } لا يجوز أن يدخل تحت حكم الصفة ، لأنك لا تقول للذي جاءكم رسول مصدق لما معكم ؟ قلت بلى لأنّ ما معكم في معنى ما آتيتكم ، فكأنه قيل للذي آتيكموه وجاءكم رسول مصدق له . وقرأ سعيد بن جبير « لما » بالتشديد ، بمعنى حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة . ثم جاءكم رسول مصدق له وجب عليكم الإيمان به ونصرته . وقيل أصله لمن ما ، قاستثقلوا اجتماع ثلاث ميمات وهي الميمان والنون المنقلبة ميما بإدغامها في الميم ، فحذفوا إحداها فصارت لما . ومعناه لمن أجل ما آتيتكم لتؤمنن به ، وهذا نحو من قراءة حمزة في المعنى { إِصْرِى } عهدي . وقرىء « أصرى » بالضم . وسمي إصراً ، لأنه مما يؤصر ، أي يشدّ ويعقد . ومنه الإصار ، الذي يعقد به . ويجوز أن يكون المضموم لغة في أصر ، كعبر وعبر ، وأن يكون جمع إصار { فَٱشْهَدُواْ } فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار { وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ } من إقراركم وتشاهدكم { مّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } وهذا توكيد عليهم وتحذير من الرُّجوع إذا علموا بشهادة الله وشهادة بعضهم على بعض . وقيل الخطاب للملائكة { فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } الميثاق والتوكيد { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } أي المتمردون من الكفار دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة . والمعنى فأولئك هم الفاسقون فغير دين الله يبغون ، ثم توسطت الهمزة بينهما . ويجوز أن يعطف على محذوف تقديره { أ } يتولون { فَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ } وقدم المفعول الذي هو غير دين الله على فعله لأنه أهم من حيث أنّ الإنكار الذي هو معنى الهمزة متوجه إلى المعبود بالباطل . وروي 178 أن أهل الكتاب اختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه من دين إبراهيم عليه السلام وكل واحد من الفريقين ادعى أنه أولى به ، فقال صلى الله عليه وسلم « كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم » فقالوا ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك . فنزلت وقرىء « يبغون » ، بالياء « وترجعون » بالتاء وهي قراءة أبي عمرو ، لأنّ الباغين هم المتولون ، والراجعون جميع الناس . وقرئا بالياء معاً ، وبالتاء معاً { طَوْعاً } بالنظر في الأدلة والإنصاف من نفسه { وَكَرْهًا } بالسَّيف ، أو بمعاينة ما يلجىء إلى الإسلام كنتق الجبل على بني إسرائيل ، وإدراك الغرق فرعون ، والإشفاء على الموت { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُواْ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } غافر 84 وانتصب طوعاً وكرها على الحال ، بمعنى طائعين ومكرهين .