Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 18-19)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تصاعر ، وتصعر بالتشديد والتخفيف . يقال أصعر خدّه ، وصعره ، وصاعره كقولك أعلاه وعلاه وعالاه بمعنى . والصعر والصيد داء يصيب البعير يلوي منه عنقه . والمعنى أقبل على الناس بوجهك تواضعاً ، ولا تولهم شق وجهك وصفحته ، كما يفعل المتكبرون . أراد { وَلاَ تَمْشِ } تمرح { مَرَحاً } أو أوقع المصدر موقع الحال بمعنى مرحا . ويجوز أن يريد ولا تمش لأجل المرح والأشر ، أي لا يكن غرضك في المشي البطالة والأشر كما يمشي كثير من الناس لذلك ، لا لكفاية مهم ديني أو دنيوي . ونحوه قوله تعالى { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم بَطَراً وَرِئَاء ٱلنَّاسِ } الأنفال 47 . والمختال مقابل للماشي مرحاً . وكذلك الفخور للمصعر خدّه كبراً { وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ } واعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشيين لا تدب دبيب المتماوتين ، ولا تثب وثيب الشطار . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 858 " سرعةُ المشي تذهبُ بهاءَ المؤمنِ " وأما قول عائشة في عمر رضي الله عنهما « كان إذا مشى أسرع » فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت . وقرىء « وأقصد » بقطع الهمزة ، أي سدّد في مشيك من أقصد الرامي إذا سدّد سهمه نحو الرمية { وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ } وانقص منه واقصر من قولك فلان يغض من فلان إذا قصر به ووضع منه { أَنكَرَ ٱلأَصْوٰتِ } أوحشها ، من قولك شيء نكر ، إذا أنكرته النفوس واستوحشت منه ونفرت . والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة ، وكذلك نهاقه . ومن استفحاشهم لذكره مجرداً وتفاديهم من اسمه أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به ، فيقولون الطويل الأذنين ، كما يكنى عن الأشياء المستقذرة وقد عدّ في مساوىء الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولى المروءة . ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافاً وإن بلغت منه الرجلة ، فتشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير ، وتمثيل أصواتهم بالنهاق ، ثم إخلاء الكلام من لفظ التشبيه وإخراجه مخرج الاستعار - وإن جعلوا حميراً وصوتهم نهاقاً - مبالغة شديدة في الذم والتهجين وإفراط في التثبيط عن رفع الصوت والترغيب عنه . وتنبيه على أنه من كراهة الله بمكان . فإن قلت لم وحد صوت الحمير ولم يجمع ؟ قلت ليس المراد أن يذكر صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع ، وإنما المراد أن كل جنس من الحيوان الناطق له صوت ، وأنكر أصوات هذه الأجناس صوت هذا الجنس ، فوجب توحيده .