Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } في كل شيء من أمور الدين والدنيا { مّنْ أَنفُسِهِمْ } ولهذا أطلق ولم يقيد ، فيجب عليهم أن يكون أحبّ إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، وحقه آثر لديهم من حقوقها ، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها ، وأن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب ، ووقاءه إذا لقحت حرب ، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه ، ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه ، لأنّ كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه ، فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار . أو هو أولى بهم ، على معنى أنه أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم ، كقوله تعالى { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } التوبة 128 وعن النبي صلى الله عليه وسلم 875 " ما مِنْ مؤمنٍ إلاّ أنا أولى بهِ فِي الدنيا والآخرةِ . اقرؤوا إنْ شئتم { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فأيما مؤمن هلك وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا ، وإن ترك ديناً أو ضياعاً فإليّ " وفي قراءة ابن مسعود « النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم » . وقال مجاهد كل نبيّ فهو أبو أمّته . ولذلك صار المؤمنون إخوة لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أبوهم في الدين { وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَـٰتُهُمْ } تشبيه لهنّ بالأمهات في بعض الأحكام ، وهو وجوب تعظيمهنّ واحترامهن ، وتحريم نكاحهن قال الله تعالى { وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً } الأحزاب 53 وهنّ فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات ، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها لسنا أمهات النساء . تعني أنهنّ إنما كنّ أمّهات الرجال ، لكونهنّ محرّمات عليهم كتحريم أمّهاتهم . والدليل على ذلك أنّ هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهنّ ، وكذلك لم يثبت لهنّ سائر أحكام الأمهات . كان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة ، كما كانت تتألف قلوب قوم بإسهام لهم في الصدقات ، ثم نسخ ذلك لما دجا الإسلام وعزّ أهله ، وجعل التوارث بحق القرابة { فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ } في اللوح . أو فيما أوحى الله إلى نبيه وهو هذه الآية . أو في آية المواريث . أو فيما فرض الله كقوله { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } النساء 24 . { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ } يجوز أن يكون بياناً لأولى الأرحام ، أي الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضاً من الأجانب . ويجوز أن يكون لابتداء الغاية . أي أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدين ، ومن المهاجرين بحق الهجرة . فإن قلت مم استثنى { أَن تَفْعَلُواْ } ؟ قلت من أعم العام في معنى النفع والإحسان ، كما تقول القريب أولى من الأجنبي إلا في الوصية ، تريد أنه أحق منه في كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك ، إلا في الوصية . والمراد بفعل المعروف التوصية لأنه لا وصية لوارث وعدى تفعلوا بإلى ، لأنه في معنى تسدوا وتزلوا والمراد بالأولياء المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين { ذَلِكَ } إشارة إلى ما ذكر في الآيتين جميعاً . وتفسير الكتاب ما مر آنفاً ، والجملة مستأنفة كالخاتمة لما ذكر من الأحكام .