Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 11-11)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الهمزة وإن خرجت إلى معنى التقرير فهي بمعنى الاستفهام في أصلها ، فلذلك قيل { فَٱسْتَفْتِهِمْ } أي استخبرهم { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً } ولم يقل فقرّرهم والضمير لمشركي مكة . قيل نزلت في أبي الأشد بن كلدة ، وكني بذلك لشدّة بطشه وقوّته { أَم مَّنْ خَلَقْنَا } يريد ما ذكر من خلائقه من الملائكة ، والسمٰوات والأرض ، والمشارق ، والكواكب ، والشهب الثواقب ، والشياطين المردة ، وغلب أولي العقل على غيرهم ، فقال من خلقنا ، والدليل عليه قوله بعد عدّ هذه الأشياء { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا } بالفاء المعقبة . وقوله { أَم مَّنْ خَلَقْنَا } مطلقاً من غير تقييد بالبيان ، اكتفاء ببيان ما تقدّمه ، كأنه قال خلقنا كذا وكذا من عجائب الخلق وبدائعه ، فاستفتهم أهم أشدّ خلقاً أم الذي خلقناه من ذلك ، ويقطع به قراءة من قرأ « أم من عددنا » بالتخفيف والتشديد . و « أشدّ خلقاً » يحتمل أقوى خلقاً من قولهم شديد الخلق . وفي خلقه شدّة ، وأصعب خلقاً وأشقّه ، على معنى الردّ لإنكارهم البعث والنشأة الأخرى ، وأنّ من هان عليه خلق هذه الخلائق العظيمة ولم يصعب عليه اختراعها كان خلق البشر عليه أهون . وخلقهم { مّن طِينٍ لاَّزِبٍ } إما شهادة عليهم بالضعف والرخاوة لأنّ ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوّة ، أو احتجاج عليهم بأن الطين اللازب الذي خلقوا منه تراب ، فمن أين استنكروا أن يخلقوا من تراب مثله حيث قالوا { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } الرعد 5 . وهذا المعنى يعضده ما يتلوه من ذكر إنكارهم البعث . وقيل من خلقنا من الأمم الماضية ، وليس هذا القول بملائم . وقرىء « لازب » و « لاتب » ، والمعنى واحد ، والثاقب الشديد الإضاءة .