Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 8-10)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضمير في « لا يسمعون » لكل شيطان ، لأنه في معنى الشياطين . وقرىء بالتخفيف والتشديد ، وأصله يتسمعون . والتسميع تطلب السماع . يقال تسمع فسمع ، أو فلم يسمع . وعن ابن عباس رضي الله عنهما هم يتسمعون ولا يسمعون ، وبهذا ينصر التخفيف على التشديد . فإن قلت لا يسمعون كيف اتصل بما قبله ؟ قلت لا يخلو من أن يتصل بما قبله على أن يكون صفة لكل شيطان ، أو استئنافاً فلا تصحّ الصفة لأنّ الحفظ من شياطين لا يسمعون ولا يتسمعون لا معنى له ، وكذلك الاستئناف لأنّ سائلاً لو سأل لم تحفظ من الشياطين ؟ فأجيب بأنهم لا يسمعون لم يستقم ، فبقي أن يكون كلاماً منقطعاً مبتدأ اقتصاصاً ، لما عليه حال المسترقة للسمع ، وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة . أو يتسمعوا وهم مقذوفون بالشهب مدحورون عن ذلك ، إلا من أمهل حتى خطف خطفة واسترق استراقة فعندها تعاجله الهلكة بإتباع الشهاب الثاقب . فإن قلت هل يصحّ قول من زعم أن أصله لئلا يسمعوا فحذفت اللام كما حذفت في قولك جئتك أن تكرمني ، فبقي أن لا يسمعوا فحذفت أن وأهدر عملها ، كما في قول القائل @ أَلاَ أَيُّهَا ذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغى @@ قلت كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده ، فأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات ، على أن صون القرآن عن مثل هذا التعسف واجب . فإن قلت أي فرق بين سمعت فلاناً يتحدّث ، وسمعت إليه يتحدّث ، وسمعت حديثه ، وإلى حديثه ؟ قلت المعدى بنفسه يفيد الإدراك والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك والملأ الأعلى الملائكة لأنهم يسكنون السماوات ، والإنس والجن هم الملأ الأسفل لأنهم سكان الأرض . وعن ابن عباس رضي الله عنهما هم الكتبة من الملائكة . وعنه أشراف الملائكة { مِن كُلّ جَانِبٍ } من جميع جوانب السماء من أي جهة صعدوا للاستراق { دُحُوراً } مفعول له ، أي ويقذفون للدحور وهو الطرد ، أو مدحورين على الحال ، أو لأنّ القذف والطرد متقاربان في المعنى ، فكأنه قيل يدحرون أو قذفاً . وقرأ أبو عبد الرحمٰن السلمي بفتح الدال على قذفاً دحوراً طروداً . أو على أنه قد جاء مجيء القبول والولوع . والواصب الدائم ، وصب الأمر وصوباً ، يعني أنهم في الدنيا مرجومون بالشهب ، وقد أعدّ لهم في الآخرة نوع من العذاب دائم غير منقطع { مَنْ } في محل الرفع بدل من الواو في لا يسمعون ، أي لا يسمع الشياطين إلا الشيطان الذي { خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ } وقرىء « خطف » بكسر الخاء والطاء وتشديدها ، وخطف بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها ، وأصلهما اختطف . وقرىء « فأتبعه » « وفاتبعه » .