Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 8-11)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤوسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا { لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } الزخرف 31 وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد على ما أوتي من شرف النبوّة من بينهم { بَلْ هُمْ فَى شَكٍّ } من القرآن ، يقولون في أنفسهم إما وإما . وقولهم { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلَٰقٌ } كلام مخالف لاعتقادهم فيه يقولونه على سبيل الحسد { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } بعد فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد حينئذ ، يعني أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب مضطرين إلى تصديقه { أَمْ عِندَهُمْ خَزآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ } يعني ما هم بمالكي خزائن الرحمة حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا ، ويتخيروا للنبوّة بعض صناديدهم ، ويترفعوا بها عن محمد عليه الصلاة والسلام . وإنما الذي يملك الرحمة وخزائنها العزيز القاهر على خلقه ، الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها ، الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته وعدله ، كما قال { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا } الزخرف 32 ثم رشح هذا المعنى فقال { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } حتى يتكلموا في الأمور الربانية والتدابير الإلـٰهية التي يختص بها ربّ العزّة والكبرياء ، ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال وإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة الرحمة ، وكانت عندهم الحكمة التي يميزون بها بين من هو حقيق بإيتاء النبوّة دون من لا تحق له { فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَٰبِ } فليصعدوا في المعارج والطرق التي يتوصل بها إلى العرش ، حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم وملكوت الله ، وينزلوا الوحي إلى من يختارون ويستصوبون ، ثم خسأهم خساءة عن ذلك بقوله { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } يريد ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله ، مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ، ولا تكترث لما به يهذون . و ما مزيدة ، وفيها معنى الاستعظام ، كما في قول امرىء القيس @ وَحَدِيثٌ مَا عَلَى قِصَرِهْ @@ إلا أنه على سبيل الهزء و { هُنَالِكَ } إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم ، من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله لست هنالك .