Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 35-35)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } أصله شقاقاً بينهما ، فأضيف الشقاق إلى الظرف على طريق الإتساع ، كقوله { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } سبأ 33 وأصله بل مكر في الليل والنهار . أو على أن جعل البين مشاقاً والليل والنهار ماكرين ، على قولهم نهارك صائم . والضمير للزوجين . ولم يجر ذكرهما لجري ذكر ما يدل عليهما ، وهو الرجال والنساء { حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ } رجلاً مقنعاً رضياً يصلح لحكومة العدل والإصلاح بينهما ، وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما ، لأنّ الأقارب أعرف ببواطن الأحوال ، وأطلب للصلاح ، وإنما تسكن إليهم نفوس الزوجين ، ويبرز إليهم ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة ، وموجبات ذلك ومقتضياته وما يزويانه عن الأجانب ولا يحبان أن يطلعوا عليه . فإن قلت فهل يليان الجمع بينهما والتفريق إن رأيا ذلك ؟ قلت قد اختلف فيه ، فقيل ليس إليهما ذلك إلا بإذن الزوجين . وقيل ذلك إليهما ، وما جعلا حكمين إلا وإليهما بناء الأمر على ما يقتضيه اجتهادهما . وعن عبيدة السلماني شهدت علياً رضي الله عنه وقد جاءته امرأة وزوجها ومع كل واحد منهما فئام من الناس ، فأخرج هؤلاء حكماً وهؤلاء حكماً . فقال عليّ رضي الله عنه للحكمين أتدريان ما عليكما ؟ إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما . فقال الزوج أما الفرقة فلا . فقال عليّ كذب والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك . فقالت المرأة رضيت بكتاب الله لي وعليّ . وعن الحسن يجمعان ولا يفرقان . وعن الشعبي ما قضى الحكمان جاز . والألف في { إِن يُرِيدَا إِصْلَـٰحاً } للحكمين . وفي { يُوَفّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَا } للزوجين أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله ، بورك في وساطتهما ، وأوقع الله بطيب نفسهما وحسن سعيهما بين الزوجين الوفاق والألفة ، وألقى في نفوسهما المودّة والرحمة . وقيل الضميران للحكمين ، أي إن قصدا إصلاح ذات البين والنصيحة للزوجين يوفق الله بينهما ، فيتفقان على الكلمة الواحدة ، ويتساندان في طلب الوفاق حتى يحصل الغرض ويتم المراد . وقيل الضميران للزوجين . أي إن يريدا إصلاح ما بينهما وطلبا الخير وأن يزول عنهما الشقاق يطرح الله بينهما الألفة ، وأبدلهما بالشقاق وفاقا وبالبغضاء مودة . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } يعلم كيف يوفق بين المختلفين ويجمع بين المفترقين { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } الأنفال 63 .